يوسع السفر مدارك الإنسان، و عند زيارة البلدان المختلفة يمكنك القيام بالمقارنة والتعلم من كيفية تعامل تلك البلدان مع القضايا الكبرى. و قد يمكن أن يصبح لديك تقدير أكبر و أن تفهم بلدك بشكل أفضل. إحدى القضايا التي يهتم بها الزوار من الخارج هي تعامل البلد مع موضوع القمامة.
لقد عدت للتو من رحلة كانت مدتها أسبوعين الى الساحل الغربي لكندا. فمنطقة كولومبيا البريطانية، ولا سيما فانكوفر و ويسلر، يجنون الكثير من المال من السياحة حيث تعرض المنطقة نفسها للزوار بطريقة ايجابية جدا.
إحدى الجوانب التي تركت انطباع قوي خلال هذه الزيارة هي الطريقة التي تتعامل البلاد فيها مع موضوع القمامة. إذ اننا لم نرى أي نوع من أنواع القمامة في الشوارع أو خلال سيرنا في المناطق الريفية و في المدن الصغيرة والمحافظات و حتى في المدن المكتظة. لم يكن هناك أكياس بلاستيكية ملقاة على الأرض من مخلفات الرحلات و لا زجاجات بلاستيكية ألقيت جانبا بعد الإنتهاء منها ولا علب سجائر فارغة تلقي من نوافذ السيارات. و في الواقع لم يكن هناك أي شيء يشوه جمال المكان.
انطبق هذا الانضباط الرائع أيضا على إعادة التدوير. فقد كان في المعسكرات و الحدائق والشوارع أماكن للزجاج والورق والبلاستيك لإعادة تدويرها و التي أحسن الناس استخدامها.
لقد دهشنا أيضا من امتداد هذا النهج الى الحياة البرية. كان هناك في معظم مرافق إعادة التدوير سلات للمهملات يمكن وضع القمامة فيها و التي لا يمكن للدببة فتحها. وسبب القيام بوضع تلك السلات هو لحماية الحياة البرية، فإذا أصبحت الدببة تعتمد على غذاء الإنسان فإنها ستصبح غير قادرة على البحث عن طعامها في البرية مما سيؤدي الى أن تصبح بعد ذلك عدوانية وخطيرة.
أهمية تجنب رمي النفايات هو مفهوم منتشر على نطاق واسع في المجتمع الكندي و غير مشكوك به. فقد رأينا في إحدى المرات كوب قهوة من البوليسترين تركه شخص ما جانبا في حديقة محلية (كانت هذه ربما المرة الوحيدة التي رأينا فيها مثل هذه القطعة الصغيرة من النفايات). و أثناء سيرنا في الحديقة جاء شخص آخر و التقط الكوب وأخذه إلى أقرب سلة نفايات.
يسلط هذا الفعل الضوء على أحد التناقضات الهامة مع الدول الأخرى وهو الشعور بالمسؤولية الجماعية عندما يتعلق الأمر بالبيئة. فجميع الكنديين يتأثرون بالقمامة لذلك إن رمي علبة معدنية فارغة في الشارع أو ترك مخلفات النزهة في المناطق الريفية لا يحدث أبدا. فقد اصبح رمي القمامة أمر غير مقبول اجتماعيا حيث يأخذ الناس النفايات معهم للمنزل. هذا أمر جيد بالنسبة لهم و لكنهم يعرفون أيضا أنه أمر جيد بالنسبة للمجتمع ككل.
شعور الزوار بهذا التأكيد القوي على أهمية البيئة لا شك هو مصدر فخر واعتزاز و لكنه أيضا جيد للسياحة والاقتصاد. سيقوم المزيد من الناس بزيارة هذا البلد إذا كانوا يشعرون بالرضا عن مثل هذه القضايا.
يمكن للبلدان الأخرى التعلم من الطريقة التي تتعامل بها كندا مع موضوع القمامة. و في هذا الصدد فإن المدن البريطانية مثل لندن لا تزال بعيدة عن الكمال ويمكنها أن تفعل الكثير من أجل تنظيف شوارعهم.
يمكن للأردن أيضا أن تتعلم الكثير لاقناع السياح والزوار أنها تقوم بحماية بيئتها وتراثها. فالاشخاص الذين يقومون بزيارة جرش وعجلون لا يودون رؤية النفايات حول مداخل المناطق الأثرية. و السياح الذين يقومون بزيارة البتراء يريدون أن يقتنعوا بأن أولئك الذين يكسبون عيشهم من هذا المكان المدهش يقومون أيضا بحمايته. لا أحد يريد أن يتسلق فوق القمامة االمتروكة جانبا أثناء سيره في المناطق الريفية الجميلة و في الأودية قبل بدء رحلته.
الحفاظ على نظافة بلد مثل نظافة الأماكن التي زرناها على الساحل الغربي لكندا ليس بالأمر الصعب. و لكنه يتطلب التخطيطو التعلم و الثقافة و تطبيق القوانين. إذا استوعب الناس أن لديهم دور في إبقاء مدينتهم أو بلدهم نظيفين و أدركوا ان من مصلحتهم فعل ذلك و أنه سيتم تغريمهم في حالة رميمهم للنفايات، سيكون كل ذلك حافزا لهم لأخذ نفايتهم معهم الى البيت.