Site icon Foreign, Commonwealth & Development Office Blogs

جعل الفقر من الماضي

هل يمكنك العيش بمبلغ 1.25  دولار في اليوم الواحد؟ أنا بالتأكيد لا أستطع ذلك ولكن هناك أكثر من مليار شخص حول العالم لا يملكون سوى هذا الخيار. هؤلاء هم الذين يعيشون في فقر مدقع.

فالفقر لا يعني فقط أن الناس يفتقرون إلى الغذاء والمأوى و لكنه يعني أيضا أنهم يكافحون من أجل الهروب من الفقر لأنهم يفتقرون للتعليم الجيد و الرعاية الصحية. وهذا يعني أيضا أنهم منبوذين و غير مرغوب بهم وغير محبوبين.

الشعور بالجوع و التشرد يولد عواطف و مشاعر قوية. فالرغبة بالحصول على الكرامة من أجل توفير الطعام للعائلة يمكن أن يدفع الناس إلى التطرف. و كما قال أرسطو: “الفقر هو والد الثورة والجريمة.”

يمكننا أن نفعل الكثير حيال ذلك وكيفية انتشال الناس من الفقر ليس بالأمر الغامض. لقد أ̕حرز الكثير من التقدم حيال هذا الموضوع، ففي عام 1990 أكثر من 40٪ من سكان البلدان النامية كانوا يعيشون في فقر مدقع. أما في عام 2010 انخفضت هذه  النسبة الى 20٪. مهمتنا الآن هي القضاء على الفقر الآن وإلى الأبد. 

هذا كان استنتاج  فريق الأمم المتحدة الذي أصدر تقريره الأسبوع الماضي. كانت جلالة الملكة رانيا واحدة من الشخصيات العالمية ال26 الذين اجتمعوا برئاسة مشتركة بين رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ورئيسي إندونيسيا وليبيريا. هدف الإجتماع كان تحديث “الأهداف الإنمائية للألفية” و التي هي مجموعة من الأهداف التي اعتمدت عام 2000 و المراد تحقيقها في عام 2015. وبما أن الموعد النهائي يقترب علينا أن ننظر الى كيفية الاستفادة من التقدم الذي أحرز في السنوات ال 15 الماضية و الإتفاق على مجموعة مماثلة من الأهداف الطموحة على مدى السنوات ال 15 المقبلة.

نتيجة الإجتماع كانت إصدار تقرير جريء ومتفائل و الذي قام بتحديد 12 هدف قابل للقياس و 54 غاية. فقد تم وضع أهداف طموحة بشكل متعمد لمعالجة نواحي معينة من التنمية و التي تهم الناس العاديين مثل خفض عدد الناس الذين يعيشون على أقل من 1.25 دولار إلى الصفر.

إن تحقيق هذه الأهداف والغايات يتطلب تحولا في الطريقة التي نعالج فيها هذه القضايا حتى لا يتم التخلي عن أحد. يجب على الجميع أن يتمتعوا بنفس الحقوق و الفرص الاقتصادية الأساسية أيا كان عرقهم أو وضعهم أو جنسهم أو إعاقتهم.

هذا التقرير يضع أيضا البيئة في صميم جدول أعمال التنمية ويسلط الضوء على مدى الضرر الذي يلحقه تغير المناخ على كوكبنا بالإضافة الى الطريقة التي نزرع بها غذائنا و الطريقة التي نستخدمها لتوليد الطاقة.

السياسة الإقتصادية تحتاج أيضا الى تحول رئيسي. كما يعود الفضل في التقدم في الحد من الفقر في السنوات الأخيرة الى النمو الاقتصادي في آسيا. فربط الابتكار والتكنولوجيا وإمكانات القطاع الخاص مع بعضها البعض يمكن أن يساعد على خلق فرص عمل.

هناك عوامل أوسع أيضا يمكنها أن تلعب دورا هاما من خلال “الخيط الذهبي” الذي يعد من أساسيات التنمية. فالبلدان الخالية من الصراعات و التي تحترم سيادة القانون و لديها مؤسسات تعطي الناس الثقة بطريقة الحكم في البلاد يمكنها أن تبني مجتمعات حرة  ومزدهرة. وبالطبع، هناك أولوية محاربة الفساد الذي يشكل مشكلة في كبح النمو والتوزيع العادل لثروات بلدان عديدة في مختلف أنحاء العالم.

لقد قام فريق الأمم المتحدة بوضع جدول أعمال مهم. تحتاج الأمم المتحدة الآن إلى إقامة شراكة عالمية مبنية على إنسانيتنا المشتركة وعلى أساس الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة. بهذه الطريقة يمكننا أن نجعل الفقر شيء يقرأ عنه أطفال الغد فقط في الكتب المدرسية.

 

Exit mobile version