31 December 2012
عام عظيم
عادة ما تكون الرسوم الكاريكاتورية في هذا الوقت من العام عن رجل عجوز تظهر على وجهه كدمات و آثار المعارك حاملا بيده شعلة الزمن و يسلمها لطفل رضيع يرمز للعام الجديد.
بدء عام جديد يجعلنا نقف و نفكر بما مضى و ما هو آت في الأفق. فبماذا يمكن أن نحتفل؟ و ماذا يمكننا أن ننسى؟ وما الذي سيأتي الآن؟
كانت الأشهر الإثني عشر الأخيرة مهمة جدا وتاريخية لعدة أسباب. فبالنسبة لي سيبقى العام 2012 عام الاحتفالات: اليوبيل الماسي لصاحبة الجلالة الملكة إليزابيث، الألعاب الأولمبية و البارالمبية ، و أخيرا فوز لاعب التنس البريطاني آندي موراي في ويمبلدون.
الأحوال الجوية كانت سيئة أثناء الاحتفال باليوبيل الماسي للملكة وكان عرض اليخوت يسير بنهر التايمز أثناء الهطول الغزير للأمطار. أما هنا في عمان فقد احتفلنا بالعلاقات الملكية بين البلدين حيث أقمنا معرضا لصور جلالة الملكة إليزابيث مع جلالة المغفور له الملك الحسين و أقمنا أيضا احتفالا كبيرا في الحديقة مع شاشة ضخمة تعرض الاحتفال الذي أقيم خارج قصر باكنغهام.
أما حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية لعام 2012 في لندن كان مناسبة أخرى لا تنسى. فقد احتفلنا بهذه المناسبة بإقامة سحور خاص حيث أن دورة الألعاب انطلقت في شهر رمضان و تزامن توقيت الافتتاح مع توقيت وجبة السحور. شمل حفل الافتتاح العديد من ما يميز بريطانيا الحديثة مثل الخدمة العامة و المرح والفكاهة. فحفل الافتتاح شمل عروض تقدر الخدمة الصحية الوطنية و الحلقات الاولمبية التي استنسخت من بقايا الثورة الصناعية. ثم الصدمة والدعابة عندما قفزت الملكة من طائرة هليكوبتر و الصورة المضيئة للمئتي بتلة التي ترمز لكل دولة مشاركة و قادمة لتشكل اللهب الأولمبي.
تركت دورة الألعاب الأولمبية و البارالمبية إرثا هاما و الرسالة الرئيسية لأهمية الرياضة لمست كل دولة. كما ساعدت التحضيرات لدورة الألعاب في ترميم جزء مهمل من لندن و بناء مرافق رياضية جديدة للمجتمعات المحلية. وأظهرت أيضا أن المشاركين في الألعاب البارالمبية يمكن أن يتنافسوا بنفس عزم و مهارة و إبداع الرياضيين من غير ذوي الإعاقة.
لقد قمنا بإحضار هذا الإرث إلى الأردن. فإحدى الأيام التي لن أنساها كان يوم زيارتي للرمثا حيث قامت السفارة بتجديد ملاعب لكرة القدم وكرة السلة في مدرسة ثانوية للبنين. قام الأولاد بتسمية الملعب الجديد باسم”ويمبلي” و كانوا يعرفون كل شيء عن فريقي تشيلسي ومانشستر يونايتد. كما كان الأولاد مفعمون بالطاقة والامتنان أنه يمكنهم الآن لعب الرياضة بأمان في نطاق المدرسة.
و بالنسبة للمملكة المتحدة في الأردن، فقد كان عاما رائعا بالتأكيد مع كل هذه الزيارات للأردن من قبل رئيس الوزراء و وزير الخارجية و وزيران آخران. كما سلطت زيارات جلالة الملك عبد الله الثاني الى لندن الضوء على الاهتمام العميق بالأردن كدولة مستقرة محاطة بكل هذه الأزمات والمشاكل.
هذه الزيارات هي أكثر بكثير من مجرد عناوين في الصحف تشير تقاريرها الى “مناقشة القضايا الإقليمية” و “تعزيز العلاقات بين البلدين”. فهي عبارة عن تحليل مشترك للقضايا الكبرى: كيفية وضع نهاية للمذابح في سوريا، كيفية تحقيق العدالة للفلسطينيين وكيفية مساعدة الشباب الأردني في العثور على وظائف. و هي أيضا عبارة عن خطوات عملية يمكن أن نتخذها معا لتحقيق الأمن والرخاء لكلا البلدين و لأوروبا و للشرق الأوسط.
تصادف نهاية عام 2012 أيضا مرور عامين على الربيع العربي الذي كتب عنه الكثير. فمن المتوقع أن يجلب عام 2013 تحديات و وعود و مخاطر مماثلة. و الخوض في رسم التوقعات غالبا ما يؤدي إلى مخاطر و كذلك القرارات التي تؤخذ نهاية كل عام و التي غالبا سرعان ما تنسى. دعونا نأمل أن لا تكون بداية هذا العام الجديد مبنية على إعادة الأساليب القديمة، ولكن فرصة للتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقا للجميع.