16 December 2012
لا تجعل العالم كله أعمى
يتواجد جلالة الملك عبد الله الثاني في لندن هذا الأسبوع. إحدى أهم الأولويات التي ناقشها مع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون و وزير الخارجية وليام هيغ كانت عملية السلام في الشرق الأوسط.
هذه القضية الأزلية برزت مرة أخرى كأولوية قصوى خصوصا بعد زيارة الملك عبد الله الثاني لرام الله الأسبوع الماضي و وقف إطلاق النار في قطاع غزة و التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
في بعض الأحيان و عندما أتحدث مع الناس عن عملية السلام يسألني البعض “أي سلام”؟ و “أي عملية”؟ إني أتفهم شكوك البعض و شعورهم بأن الدبلوماسيين غالبا ما يميلون إلى تفضيل النظريات على الواقع، و فشل الدبلوماسيين بفهم منطلق و وجهة نظر الأطراف المتنازعة. ففي نزاعات أخرى دافعت بشدة عن نظريات حل النزاعات وضرورة التوصل إلى حل وسط وبناء الثقة بين الناس و تجنب لعبة إلقاء اللوم.
و لكنني أيضا أعرف أن الناس في قلب الصراع سمعوا كل هذا الكلام من قبل و ما يريدون معرفته حقا هو ما الجديد و ما الذي سنفعله الآن. فهم يريدون السلام والاستقرار ليتابعوا حياتهم و يريدون الكرامة لتأمين الطعام لأسرهم وتعليم أطفالهم والتطلع إلى مستقبل مزدهر.
إن النزاعات بين الناس والأجناس والبلدان هي غريزة إنسانية طبيعية. فالأشخاص المعنيين لديهم حرية الاختيار ولكن من المهم حل هذه النزاعات من خلال الحوار و ليس من خلال القوة. النزاع أمر لا مفر منه و لكن القتال أمر اختياري.
لهذا السبب كانت رسالتنا خلال الأيام القليلة الماضية لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين تنادي بتجديد الحوار دون إملاء شروط مسبقة.
و شدد وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ و جلالة الملك عبد الله الثاني على ضرورة الخروج بمبادرة جديدة لإحلال السلام بين الفلسطينيين و الإسرائيليين. و نحن نخشى أن تغلق نافذة حل الدولتين بسبب التغيرات التي تجري على الأرض و خصوصا مسألة بناء المستوطنات الغير شرعية. فقد أكد وليام هيغ مؤخرا على التزامنا بدولة فلسطينية مستقلة تعيش في أمن و سلام إلى جانب إسرائيل.
المبادئ الأساسية لنهج المملكة المتحدة ستكون ضمان العودة لمفاوضات ذات مصداقية من أجل ضمان التوصل إلى حل الدولتين على أساس حدود 1967 و مع تبادل الأراضي المتفق عليها ومع القدس كعاصمة مشتركة لكلا الدولتين و اتفاق عادل بخصوص اللاجئين.
لا أحد يدعي أن هذا سيكون أمرا سهلا كما أنه سيتطلب الصبر والصمود في وجه اللامبالاة والتعنت والعداء. ولكن لا يوجد بديل عن الحوار لحل هذا النزاع. و كما قال غاندي بإيجاز “العين بالعين سيجعل العالم كله أعمى”.