This blog post was published under the 2010 to 2015 Conservative and Liberal Democrat coalition government

Avatar photo

Peter Millett

Ambassador to Libya, Tripoli

4 September 2012

العقرب و الضفدع

أراد عقرب عبور نهر النيل. و بما أنه لا يستطيع السباحة سأل ضفدع أن يحمله إلى الضفة المقابلة. “مستحيل!” قال الضفدع. “ستلدغني و من ثم سأغرق! ” “بالطبع أنا لن ألدغك” قال العقرب “لأنني سأغرق أنا أيضا”. قام بعد ذلك الضفدع مترددا بالسماح للعقرب أن يصعد على ظهره وبدأ يسبح بالنهر. و في منتصف الطريق لدغ العقرب الضفدع. صرخ الضفدع و قال: “لقد قلت انك لن تلدغني! الآن سنغرق نحن الاثنين. لماذا فعلت ذلك؟  رد العقرب: ” لأن هذه هي الطبيعة “.

فالموضوع الرئيسي للقصة هو أن الطبيعة هي التي دائما تسود و لكنها بنفس الوقت تشير إلى أن الذين من الخارج لا يمكنهم فهم طبيعة الآخرين. و كما لم يستطع الضفدع أن يفهم طبيعة العقرب، لا يمكن للأجانب أن يتوصلوا إلى فهم كامل لطبيعة الناس من مختلف البلدان و كيف يفكرون. هذا الدرس مهم على كافة المستويات، فهو مهم لأولئك الذين لديهم أصدقاء وللذين يقومون بالأعمال التجارية و أيضا للذين يتخذون القرارات السياسية. قد نعتقد أننا نقول الشيء الصحيح باللهجة والمحتوى المناسبين ولكن من الممكن جدا أننا  نرتكب أخطاء هائلة.

تصادفنا تناقضات ومفارقات في العديد من الثقافات. فعلى سبيل المثال، يجد العديد من الغربيين الذين يعيشون ويعملون في الخارج تناقضا بين طريقة إنجاز الأمور والقيادة على الطرق. فمن جهة، على الأجانب أن يتعودوا على أن إنجاز الأشياء يأخذ وقتا: ابتدءا من البيروقراطية في اتخاذ قرار إلى إحضار شخص لإصلاح ماسورة مكسورة، و الجواب الذي نعلمه جيدا “بكره إن شاء الله” أو حتى ” بالمشمش “. ولكن من ناحية أخرى نجد السائقين المحليين بعيدين كل البعد عن الصبر أثناء قيادتهم في الشوارع؛ فبمجرد الجلوس وراء مقود السيارة يخرج الصبر من النافذة ولا يوجد هناك أي استعداد لإعطاء الأولوية للآخرين.

هذه التناقضات تنطبق أيضا على مسيرة الإصلاح السياسي التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط. فالناس الذين عاشوا مع الفساد و الاستبداد وعدم وجود الفرص الاقتصادية، ليس لديهم الصبر من أجل التغيير. إذا كنت تسعى لتوفير الطعام بكرامة لأسرتك فإن الحاجة إلى وظيفة هو أمر فوري. و من ناحية أخرى، فإن بناء الثقة في المؤسسات الجديدة لا يمكن أن يتحقق بين عشية وضحاها. إذا كيف يمكنك تحقيق التوازن بين الاندفاع نحو التغيير الذي لا مفر منه و أهمية إصابة الهدف الصحيح؟

في التعامل مع هذه القضايا، الأجنبي يرى الأمور من خلال تاريخه وثقافته وقيمه. فالتغيرات في أوروبا أخذت قرون. وبعض القيم هي قيم إنسانية: أنه يجب الاستماع إلى صوت الشعب، و أن تكون المؤسسات ممثلة بشكل كامل، وأن يكون موضوع خلق الوظائف والفرص الاقتصادية في مقدمة السياسات الاقتصادية، وأن يكون القانون الدولي واحترام حقوق الإنسان ملتزم بهما. في هذا الصدد فإن مطالب وتوقعات الناس في الشرق الأوسط لا تختلف عن مطالب وتوقعات باقي الشعوب.

ولكن يجب على الساسة والدبلوماسيين والأكاديميين ورجال الأعمال الذين يعملون في دول مختلفة ألا ينظروا إلى هذه القضايا من منظار خبراتهم و خلفياتهم. يجب التعامل معها من خلال تقدير التاريخ والتقاليد والثقافة المحلية المميزة. يجب علينا أن نكون حذرين من إصدار أحكام على أساس التاريخ والخبرة السياسية الغربية. وللسبب نفسه، يجب علينا تجنب اقتراح بأن هناك النموذج الغربي للديمقراطية الذي من شأنه تلبية تطلعات الشارع العربي. الديمقراطية يجب أن تكون نابعة من الداخل. إذا كانت شعوب المنطقة تريد تبادل الخبرات، فأهلا وسهلا، ولكن القرارات الرئيسية يجب أن تكون بيد هذه الشعوب.

فهم الثقافة المحلية – وتقبل أننا قد لا نفهما – هو أفضل وسيلة لتجنب المفاجآت المؤلمة. فكما تعرض الضفدع لمفاجأة غير متوقعة، كان ذلك فشله أيضا بعدم فهمه لطبيعة العقرب الذي أدى به إلى نهاية سيئة.

حول Peter Millett

Peter arrived in Tunis on 23 June 2015 to take up his post as Ambassador to Libya. Previously he was British Ambassador to Jordan from February 2011 to June 2015. He was High Commissioner to…

Peter arrived in Tunis on 23 June 2015 to take up his post as
Ambassador to Libya.
Previously he was British Ambassador to Jordan from February 2011 to June 2015.
He was High Commissioner to Cyprus from 2005 – 2010.
He was Director of Security in the Foreign and Commonwealth Office
from 2002-2005, dealing with all aspects of security for British
diplomatic missions overseas.
From 1997-2001 he served as Deputy Head of Mission in Athens.
From 1993-96 Mr Millett was Head of Personnel Policy in the FCO.
From 1989-93 he held the post of First Secretary (Energy) in the UK
Representative Office to the European Union in Brussels, representing
the UK on all energy and nuclear issues.
From 1981-1985 he served as Second Secretary (Political) in Doha.
Peter was born in 1955 in London.  He is married to June Millett and
has three daughters, born in 1984, 1987 and 1991.  
His interests include his family, tennis and travel.