Site icon Foreign, Commonwealth & Development Office Blogs

الانعزالية؟ أنا؟

قرأت مقالا الأسبوع الماضي لفيلسوف واقتصادي فرنسي عن بريطانيا واليابان و تشبيههم “بجزر العزلة” كان. موضوع المقال أن كلا البلدين لا يزالان ينظران إلى أمورهم الداخلية ومنشغلان بتفكك ثقافتهم الأصلية.

لا أستطيع أن أتكلم عن اليابان، ولكن الذين شاهدوا حفل الافتتاح الرائع لدورة الالعاب الاولمبية 2012 في لندن لا بد أنهم أعجبوا بالطبيعة المتنوعة والشاملة للمجتمع البريطاني الحديث.

فالصور الطبيعية لريف انجلترا تبعتها  قيام الثورة الصناعية و نحت الحلقات الاولمبية. ثم شاهدنا وصول المهاجرين من منطقة البحر الكاريبي، و الأسرة متعددة الثقافات و الأصول، ومن ثم ديزي راسكال فنان موسيقى الراب. العقل المدبر وراء هذا العرض كان مخرج الأفلام داني بويل (ابن أحد المهاجرين) الفخور بالاحتفال بانفتاح بريطانيا على العالم.

جلبت الهجرة فوائد ضخمة إلى المملكة المتحدة مع العاملين المهاجرين و الرواد في مجال أعمالهم ابتداءا من الذين وصلوا من فرنسا في القرن 17 إلى الآسيويين الذين غيروا طبيعة قاموا بتغير المحلات التجارية في بريطانيا في السنوات الأخيرة. دمج المجتمعات الجديدة والاحتفال بالتعددية الثقافية كان سياسة أساسية وخيارات اجتماعية. لن أدعي أن هذا كان بالأمر السهل، ولكننا لم نعد نرى هذا النوع من اليمينية العنصرية التي يعاني منها البلدان الأخرى.

رفضت اللغة الإنجليزية أن تكون مرتبطة بالأكاديميين المتعلمين الرافضين تدفق الكلمات الأجنبية و لحسن الحظ استوعبت هذه اللغة العبارات من جميع أنحاء العالم. فهي لغة حية تخلط  بين اللغة الإنجليزية القديمة، شكسبير وديكنز، مع كلمات وعبارات جديدة من موسيقى الراب والجاز والغيتو.
.
أما الطعام فهو شيئ آخر شهد تأثيرات خارجية رحبت بها بريطانيا بكل سرور. ما زال يمكنك الحصول على الوجبة التقليدية الجيدة من السمك و البطاطس أو روست بيف. ولكن يمكنك أن تجد أيضا المأكولات المختلفة من كل ركن من أركان العالم مقدمة بمكونات عالية الجودة. فمقابل اقدم مطعم في لندن هناك مطعم منغولي. كما أعلن وزير الخارجية البريطاني السابق روبن كوك أن دجاج التيكا ماسالا أصبح الآن طبق بريطانيا الوطني .

ترحب بريطانيا أيضا بالطلاب الأجانب الذين العديد منهم من الأردن. ففي عام 2011 كان هناك أكثر من 428،000 طالب من خارج المملكة المتحدة  في التعليم العالي في بريطانيا، و 14٪ من مجموع الطلاب في المملكة. كما أن المملكة المتحدة هي الوجهة المفضلة للدراسة في أوروبا للطلاب الأجانب.

انفتاح بريطانيا على العالم الخارجي هو جزء من ثقافة التبادل لدينا. فقد كانت شركاتنا عالمية قبل اختراع كلمة “العولمة”. كما أطلق علينا نابليون اسم أمة أصحاب المتاجر، ونحن لا نزال نعتمد بشكل كبير على التجارة والاستثمار مع الدول الأخرى.

من بين جميع الدول الأوروبية، بريطانيا لديها  أكثر اقتصاد منفتح و مرحب بالأعمال، وهي تأتي في المرتبة الأولى كمقر للشركات الأوروبية، ولديها أفضل سجل لجذب المشاريع الاستثمارية الدولية، وفيها نصف أفضل الشركات العالمية لتطوير ألعاب الكمبيوتر و التي عددها 100 شركة.

فكل من ديفيد كاميرون وويليام هيغ أوضحا أن مغادرة الاتحاد الأوروبي لن يكون في مصلحة بريطانيا وأن الاستفتاء ليس هو الحل. فالاتحاد الأوروبي يجلب مزايا كبيرة من حيث التجارة والبيئة والعمل معا على الساحة الدولية.

هناك أسطورة ريفية حديثة أن بريطانيا تتحسر على ماضيها وتأسف أنها لم تعد قوة عظمى إمبرليالية. قد يؤمن بعض المثقفين يهذه المقولة ولكن الأدلة على أرض الواقع في وسط لندن المتعددة الجنسيات أو في مدن أخرى عديدة تدل على خلاف ذلك. أتمنى أن يكون حفل الافتتاح الرائع والترحيب الذي قدمناه الى الاسرة الاولمبية قد غير تلك الانطباعات القديمة.

Exit mobile version