1 June 2012
الاستمرارية والتغيير
سنشهد نهاية هذا الاسبوع موجة من المشاعر الوطنية في المملكة المتحدة ونحن نحتفل باليوبيل الماسي للملكة اليزابيث. سيكون ذلك بطريقة مميزة: عطلة لمدة أربعة أيام تشهد عرض يشارك فيه 1000 قارب على نهر التايمز يشمل مراكب ملكية مصممة خصيصا للمناسبة، و حفل موسيقي في قصر باكنغهام تضم أكبر الأسماء في الموسيقى البريطانية اضافة الى صلاة شكر في كاتدرائية سانت بول.
لماذا كل هذه الضجة؟ الجواب بسيط: لأنه لمدة 60 عاما والملكة رمزا لأمتنا. لأنها امرأة استطاعت أن تحافظ على تماسك بلدها طوال فترة حكمها. ولأنها قامت بذلك بكرامة و تفان وشعور عميق بالواجب.
بالنسبة لي، الملكة هي رمز الاستمرارية والتغيير. و كما قال كونفوشيوس: ” يجب ان يتغيروا من هم دائمين في السعادة أو حكمة”. في هذه الحالة، تعود هذه المقولة على الشعب البريطاني الذي واجه تغييرا هائلا منذ تولي الملكة العرش عام 1952. التعافي من أثار الحرب، ومنح الاستقلال لبلدان كثيرة و جديدة كانت مستعمرات، و مواجهة الضغوط الاقتصادية الهائلة و النجاة منها، والمشاركة في نزاعات في أنحاء مختلفة من العالم. إضافة إلى التغير التكنولوجي الهائل الذي لا يمكن لأحد أن يحلم به قبل 60 عاما: عندما الانترنت والهواتف المحمولة و القدرة على السفر بكلفة متدنية لم يسمع عنهم من قبل.
وفرت الملكة الاستمرارية طوال هذا التغير. لقد أعطت الأمة جذور والأمة تشعبت و امتدت ونمت. و كانت الملكة مثال للخدمة العامة العادلة في حين تغييرت العديد من الحكومات والوزراء والبرلمانات. أعطتنا ثقة في تاريخنا و عاداتنا و ثقافتنا على الرغم من ضغوطات العولمة. كما تبنت قيم عالية من النزاهة والتسامح وخدمة شعبها. و في خطاب رائع لها في قاعة وستمنستر قبل شهرين، أكدت الملكة من جديد على أنها تكرس نفسها لشعبها.
باعتبارها رمزا للأمة، تترأس الملكة نظام الحكم. و على الرغم من أنها لا تتدخل في القرارات السياسية، فنحن نعلم جميعا أن حكومتنا هي حكومة جلالة الملكة، والحكومة بدورها تقوم بمواجهة المعارضة الموالية للملكة. وبطبيعة الحال، فهم يتحاربون باستمرار في مجلس العموم ولكن تبقى مصلحة البلاد وشعبها على رأس أولوياتهم.
يرتبط الكثير من احترامنا لجلالة الملكة باستعدادها للتكيف مع الظروف الجديدة. لقد تعاملت مع العديد من رؤساء الوزراء وزعماء العالم، وحتى بعض الذين ولدوا خلال فترة حكمها. كما زارت العديد من بلدان العالم، والتقت المئات من المشاهير والآلاف من الناس العاديين. و لكنها لا تفشل أبدا باظهار اهتمامها بالأشخاص الذين تقابلهم والأنشطة التي تقوم بها.
لقد حققت الملكة انجازات هامة. فهي لم تكن فقط أول ملكة بريطانية جالت العالم و قامت بزيارة الصين، إلا انها أيضا أول حاكم تم تدريبه على إصلاح محرك شاحنة كجزء من قسم النساء في الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية.
جلالة الملكة هي أيضا نموذج يحتذى به بالنسبة للنساء. فعلى الرغم من أنها ولدت لهذه المهمة، نجحت الملكة في خلق دور قوي لنفسها وكسبت احترام الناس لها. فإذا نظرنا الى الملوك البريطانيين ال 40 منذ غزو النورمندي عام 1066، كان أعظم ثلاثة منهم نساء: الملكة إليزابيث الأولى التي هزمت الارمادا الاسبانية و قامت بدعم شكسبير، الملكة فيكتوريا التي قادت الامبراطورية البريطانية ونسب اسمها لذلك العصر ، وملكتنا الحاضرة التي شهدت تقدما لم يسبق له مثيل في جميع جوانب الحياة.
و بالطبع موضوع الاستمرارية والتغيير ينطبق على الأردن أيضا. فقد تولى كل من الملكة اليزابيث وجلالة المغفور له الملك الحسين عرشهما في سن مبكر و في نفس الفترة الزمنية. و استطاع كلاهما أن يقودا بلديهما خلال فترات تغيير هائلة كما اسطاعا أن يحافظا على تماسك بلديهما في الظروف الصعبة.
سنحتفل باليوبيل الماسي في عمان يوم الثلاثاء.و سنحيي صاحبة الجلالة احتفالا بانجازاتها العظيمة و قيادة بلدها خلال 60 عاما من التغيير. وسوف نظهر فخرنا وانتمائنا ومحبتنا لها الآن وفي المستقبل.
wish to her all the happiness in the world