13 February 2012
مسؤولية الصحافة
يعد الإعلام المستقل والمهني والمسؤول العمود الفقري لأية ديمقراطية. ودور الإعلام هو نقل المعلومة والإنتقاد وتحفيز النقاش. فكيف يمكن تشجيع وسائل الاعلام على النهوض للقيام بهذا الدور الحيوي؟
هناك عدة مبادرات منها مبادرة جائزة الصحفي المتقصي التي أطلقت قبل بضع سنوات من قبل مؤسسة ثومسون في المملكة المتحدة وبتمويل من السفارة البريطانية و التي تمنح للتميز في الاستقصاء الصحافي في مجال الصحافة المكتوبة و المرئية والتصوير الصحفي في كل من الأردن وفلسطين ولبنان وسوريا والعراق.
التحقيقات الفائزة تعمقت في مواضيع مختلفة منها استخدام المبيدات الزراعية في فلسطين، والاعتداء الجنسي داخل العائلة ومحنة العمالة الأجنبية في بيروت. و فازت صحافية أردنية من تلفزيون رؤية بجائزة الصحافة المرئية عن تحقيق عن الأوضاع في لواء الهاشمية.
قيل على لسان مارك توين ذات مرة: “الناس الأغبياء – الذين يشكلون الأغلبية الساحقة من هذه الأمة وجميع الدول الاخرى – يصدقون كل ما يقرأونه يالصحف. وهنا يكمن الضرر.”
أنا لا أتفق تماما مع السيد توين. فالنقطة الأساسية هي المصداقية. و لكي تحافظ وسائل الإعلام على مصداقيتها عليها أن تتحمل مسؤولية التحقق من كل ما تنشره. وهذا يعني البحث بعمق، و الحديث مع كافة الأطراف للحصول على جوانب مختلفة من القصة، والتأكد من الحقائق بدقة. كما أنه لا يجب التردد في كشف وفضح الكذب والنفاق والفساد، ولكن يجب التأكد من الوقائع و الحقائق قبل القيام بذلك.
و المصداقية أيضا تعني تجنب المبالغة أو التخويف لمجرد بيع المزيد من الصحف. فالقصص التي تقوم على الشائعات أو مصدرها شخص واحد له أهداف شخصية هي ما يجعل الناس تشك في مصداقية ما تقرأه في الصحف أو تشاهده على التلفزيون.
فالمسؤولية لا تعني فقط قول الحقيقة، ولكن أيضا احترام القانون والصدق في طريقة حصول الصحفي على المعلومة. و إذا ما انجرفت الصحافة في خرق القوانين فإنها ستفقد احترام قرائها و احترام الأمة.
و هذا ما حدث في المملكة المتحدة عندما اتهم صحفيين بالتنصت على البريد الصوتي للناس بمن فيهم أفراد من العائلة المالكة وسياسيين معروفين و ممثلين و رياضيين بالإضافة الى عائلة تلميذة قتلت و عائلات جنود قتلوا في أفغانستان. والاشمئزاز الذي لحق بهذه الحادثة أدى إلى إغلاق واحدة من أكبر الصحف في البلاد بعد 168 عاما من وجودها في السوق. و هذا الأسبوع تم القبض على صحفيين في المملكة المتحدة بتهمة شبهة فساد.
ينبغي على المسؤولين أن لا يخافوا من الصحافة أو أن يكونوا في موقع دفاع. فإذا كان أحد السياسيين لا يحتمل النقد من الصحافة فهو بالتأكيد بالوظيفة الخاطئة. و كما قال أحد السياسيين البريطانيين منذ سنوات عديدة: “السياسي الذي يشتكي من الصحافة مثل قبطان السفينة الذي يشكي من البحر.”