31 October 2011
من الجيد ان نتحدث
حضرت عرض حول سلامة الطاقة النووية الاسبوع الماضي حيث تم مناقشة امكانيات الطاقة النووية في الأردن. كانت مناقشة ساخنة في بعض الأحيان مما يدل على مشاعر قوية بمجرد أن تثار المسألة النووية ليس في الأردن فقط بل في العالم كله. و بمجرد أن الناقش حدث فهذا شيء جيد و من الواضح أن الناقش سيستمر بلا شك.
الرسالة الرئيسية التي حملتها معي بعد حضوري المناقشة هو ان الناس يتطوقون للحوار كوسيلة للمشاركة في صنع القرار. كما ان القضايا السياسية والاقتصادية لها أثر مباشر و غير مباشر على حياة الناس. فالمناقشات المنطقية و الموضوعية و المفتوحة وسيلة مهمة بالنسبة للحكومات تقوم من خلالها بإقناع الناس أن خياراتهم السياسية هي الصحيحة. والحوار المفتوح هو وسيلة أساسية لجميع الحكومات لضمان حرية التعبير.
لقد أكد جلالة الملك عبد الله شخصيا على أهمية قبول جميع الآراء من خلال التعبير الحر والمفتوح. ففي خطابه في الجلسة الافتتاحية للبرلمان الاسبوع الماضي شدد جلالة الملك على ضرورة احترام الحريات المدنية ووجه الحكومة لتوفير بيئة آمنة لضمان الممارسة المسؤولة لحرية التعبير.
هذه الحرية في التعبير تعني أن الاختلاف مع شخص ما، حتى لو كان شخص مسؤول، لا تعني عدم الولاء. احترام آراء الآخرين هو مبدأ أساسي بالنسبة للمجتمعات الديمقراطية. لذلك فإن الانتقاد هو أمر صحي وينبغي أن يجد ترحيب و لا ينبغي أن يؤدي إلى اتهامات بعدم الولاء.
لقد قمنا في المملكة المتحدة بتطوير مفهوم "المعارضة الموالية". يمكن أن يبدو هذا وكأنه تناقض في المصطلحات و لكنه جانب حيوي للطريقة التي يعمل بها نظامنا السياسي. هذا يعني أن حزب الأقلية في البرلمان يأخذ على عاتقه انتقاد ما تقوم به الحكومة. فهم يعارضون الحكومة ولكنهم موالين للأمة. و بذلك فإنهم يبقون الحزب الحاكم او الائتلاف متأهبين و يشككون في صحة سياساتهم و يقدمون بدائل لهذه السياسات. و تم تقبل هذه الطريقة باعتبارها مساهمة قيمة للعملية السياسية. و في الواقع كما قال رئيس الوزراء الفيكتوري العظيم دزرايلي انه " لا يمكن لأي حكومة أن تكون آمنة لمدة طويلة دون معارضة فعالة."
من ناحية أخرى، و بمجرد أن تبدأ الاتهامات بعدم الولاء والتخريب أو الخيانة بالزحف باتجاه العملية السياسية فإن بناء أي توافق سيصبح أصعب بكثير. كما أنه لا ينبغي لأولئك الذين يعلقون بموضوعية على سياسة الحكومة أن تكون دوافعهم موضع تساؤل. ففي معظم الأحيان يريد هؤلاء الأشخاص ببساطة نفس ما يريده بقية المواطنين: دولة آمنة ومزدهرة. ولذلك ينبغي اعتبار الاختلاف مع السياسة أمر صحي وبنّاء وليس فرصة لتبادل الشتائم.
إن أحد أكثر المقولات حكمة في هذه المسألة هي لجلالة المغفور له الملك حسين: "نحن نحترم المعارضة ضد أي موقف أو سياسة. ولكننا نؤمن أن الرأي الذي ينبغي أن يسود و يحترم هو رأي الأغلبية."