3 October 2011
بين حائط و مكان صعب
توقفنا عند تلة مطلة على واد فلسطيني. و كان على يسار التلة مستوطنة يهودية بيوتها بيضاء متلاصقة وحدائقها خضراء.و على اليمين قرية فلسطينية متهدمة الى حد ما و كان الوادي جافا وصخريا منحدر حتى يصل الى ينبوع ماء.
فجأة رأينا دخان يتصاعد الى السماء و يدخل بين بعض المنازل التي تقع على مشارف القرية الفلسطينية. كان ذلك غاز مسيل للدموع الذي اطلقه الجنود الاسرائيليون لتفريق الاحتجاجات الأسبوعية التي يقوم بها شباب القرية. لقد كانوا يحتجون على حقيقة أنهم حرموا من الوصول الى مصدر مياههم التقليدية ممما يعني انهم لا يستطيعون ري محاصيلهم ولا كسب عيشهم.
قمنا بزيارة بعض الأصدقاء في القدس الاسبوع الماضي و تجولنا في أجزاء من الضفة الغربية. أردت أن أرى بنفسي الوضع الذي يهيمن على تفكير الناس في عمان ويحتل جزء كبير من الجهود الدبلوماسية الدولية. و أردت أن أفكر في إمكانية وكيفية التوصل إلى حل الدولتين.
لقد قمنا بزيارة قبة الصخرة و المسجد الأقصى ومن فوق الحائط الغربي رأينا الثلاثة أماكن المقدسة و المذهلة بجمالها . بعدها قمنا بجولة في القدس الشرقية مع خبير لرؤية المستوطنات و المنازل التي كان يملكها فلسطينيين و استولى عليها المستوطنين. و جاءت هذه الجولة بعد بضعة أيام من الاعلان عن 1100 وحدة سكنية أخرى في مستوطنة جيلو في القدس الشرقية و التي تعد خطوة أحادية الجانب أدانها وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ على أنها غير شرعية وتشكل عقبة أمام الجهود الدولية لتحقيق السلام.
الزيارة الأولى للمدينة لها أثر كبير في كشف أهمية المدينة و حساسيتها للديانات الثلاث. فالناس تأتي من جميع أنحاء العالم للصلاة في المدينة وللقيام بطقوسهم الدينية في الكنائس والمساجد والمعابد الخاصة. إن قرب هذه الأماكن المقدسة من بعضها يثير و يزيد من الحساسيات. و إمكانية النجاح تكمن في قدرة أتباع الديانات الثلاث على تشاركهم المدينة واحترام حقوق بعضهم البعض. فأي تغيير للطابع الديني للمدينة بالإكراه حتما سيؤدي الى المشاكل.
ذهبنا بعد ذلك بجولة في الضفة الغربية. فالنشاط الاستيطاني هنا واضح ليس فقط في ال 150مستوطنة غير القانونية ولكن في 100 موقع استيطاني الغير قانوني أيضا. كما أعلنت الأمم المتحدة ان مصادرة الأراضي من الفلسطينيين وبناء المستوطنات هو مخالف للقانون الدولي. وقد دعت الامم المتحدة اسرائيل الى وقف بناء المستوطنات والتوقف عن ممارسة تسهيل توطين المواطنين الإسرائيليين في الأحياء الفلسطينية. فاليوم هناك حوالي 200،000 مستوطن إسرائيلي في القدس الشرقية و 300،000 أخريين في الضفة الغربية.
و على خلفية التوسع في بناء المستوطنات سألت نفسي ما إذا كان حل الدولتين ممكنا أم لا. المتفائلون يعتقدون أنه لا يزال ممكنا بصعوبة. لكن الوقت ينفذ و ما زال هناك فلسطينيون، الذين على الرغم من وجود الجدار الذي يفصل بين قراهم عن المستوطنات الإسرائيلية (وفي الكثير من الأحيان عن أراضيهم) و على الرغم القيود اليومية على حريتهم في الحركة، ما زالوا يأملون من إمكانية التوصل الى اتفاق. فبالنسبة لهم هي مسألة كرامة: وضع حد للإهانات اليومية والإحباطات التي يواجهونها و السماح لهم ببناء اقتصاد مثل أي دولة أخرى مع حرية الحركة و التنقل للناس والبضائع.
يبدو لي أنه ليس هناك بديل معقول لحل الدولتين. و حل الدولة الواحدة ليس في مصلحة أي جهة. والاستمرار في حرمان الفلسطينيين من الحرية والعدالة المطالب بها في بلدان أخرى في الشرق الأوسط بالتأكيد سيتعارض مع القيم العالمية التي تجسدها الأمم المتحدة.
و حل الدولتين هو أفضل نتيجة بالنسبة لاسرائيل. سأتفهم ان أمن وسلامة المواطنيين الاسرائيليين وأطفالهم هو ذا أهمية قصوى. و أفضل طريقة لضمان ذلك الأمن وإنهاء هذا الصراع للأبد هو من خلال التفاوض على اتفاق مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية المعتدلة التي تقود حاليا السياسة الفلسطينية. و كما قال وليام هيغ في صحيفة صنداي تلغراف نهاية الأسبوع الماضي ان هدف المملكة المتحدة لا يزال إنشاء دولة فلسطينية تعيش في سلام و أمن جنبا إلى جنب مع إسرائيل. لذلك سوف تستمر جهودنا في للضغط من اجل العودة سريعا لمفاوضات تؤدي إلى السلام والأمن والكرامة لجميع الناس في المنطقة.