يمكنك مناقشة ما إذا كان الدافع وراء الضغط من أجل التغيير في العالم العربي تدفعه عجلة الطلب من أجل التغيير السياسي أو نتيجة لعوامل اقتصادية. فأنا أعتقد أن البحث عن عمل هو السبب الرئيسي للإحباط الذي نشهده في الشوارع، و الذي بدء من قصة محمد بوعزيزي الذي منع من بيع الفاكهة في تونس. لا شك أن السعي للكرامة هو أمر أساسي: أهناك شيء أكثر إذلالا من أن يكون المرء عاطلا عن العمل؟ خاصة إذا كانت هذه الوظائف تعطى لمن هم أقل جدارة فقط لأنه تتوفر لديهم معارف و اتصالات جيدة. فرص العمل بالنسبة للكثيرين في العالم العربي تبدو لهم وكأنها سراب: مكان جذاب يعتقدون أنهم يستطيعون الوصول اليه ولكنه سرعان ما يختفي عن أنظارهم. لذلك فإن خلق فرص عمل جديدة لمواجهة هذه الضغوط هو أمر ضروري لتحقيق الرفاهية والاستقرار لشعوب المنطقة في المستقبل.
البطالة هي التحدي الأكبر بالنسبة للعالم كله و خصوصا لمنطقة الشرق الأوسط. حيث ان ارتفاع معدل النمو السكاني يستدعي ان يقوم العالم العربي بخلق 100 مليون فرصة عمل جديدة خلال العشرين سنة المقبلة لاستيعاب العدد الكبير من الشبان المقبلين على سوق العمل. معدل البطالة مرتفع أصلا فهو بمعدل 15٪ ولكنه أعلى من ذلك بكثير بين فئة الشباب ولا سيما النساء. من أين سنأتي بكل هذه الوظائف الجديدة؟ الشيء المؤكد هو أنها ستأتي من القطاع الخاص. فخلق فرص عمل جديدة في القطاع العام ستشكل عبئا على الميزانية الوطنية لأي دولة وهي غير مستدامة. في الواقع، إن العديد من البلدان تعمل على إقصاء العديد من وظائف القطاع العام: ففي المملكة المتحدة تم الغاء 132,000 وظيفة من القطاع العام في السنة الماضية وسيكون هناك المزيد من تحديد الوظائف. و لذلك فإن جهودنا الآن تركز على إعادة خلق هذه الوظائف من خلال دعم القطاع الخاص.
وهذه القضايا هي قاسم مشترك على الصعيد الدولي، حيث أن رغبة شعوب الشرق الأوسط بتأمين لقمة العيش وما يصاحبها من كرامة تأتي من كونهم قادرون على إطعام عائلاهم. فهذه الرغبة لا تختلف عن مطالب الشباب في شوارع لندن أو باريس أو نيويورك (على الرغم من أنه لا يجب أن تقارن هذه بأعمال الشغب التي حصلت في لندن هذا الصيف). فهل من الممكن أن نعمل معا لمعالجة هذه القضايا والمساعدة في السيطرة على الضغوط الناجمة عن إيجاد تلك الوظائف؟
هذا هو ما يقدمه برنامج المملكة المتحدة للشراكة العربية: دعم الإصلاح من خلال تبادل الخبرات بالشراكة مع المنظمات المحلية. فإيجاد فرص عمل للشباب ونمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هما من الأهداف الرئيسية لهذا البرنامج.
و أما بما يتعلق بخلق فرص العمل، فلكل بلد عوامل قوة تعمل لصالحه. والأردن لديه الكثير من تلك العوامل: الاستقرار السياسي والقوى العاملة المؤهلة والبنية التحتية الحديثة والمهارات اللغوية و تكنولوجيا المعلومات. و بالتالي يمكن للأردن أن يستثمر ويستغل وجود تلك العوامل. و للقيام بذلك سيحتاج أصحاب المشاريع الصغيرة و الرياديون الى الحصول على ما يلزمهم من خبرات تجارية و مكاتب لإدارة أعمالهم إضافة الى التمويل.
و هذه هي المعادلة التي طورتها أويسيس500 بنجاح: تقديم الدعم التقني والمالي لأصحاب الشركات الناشئة. و هذا يعني تبني الأفكار الجيدة واستخدام تكنولوجيا المعلومات و إضافة المحتوى العربي و أخيرا تصديره إلى باقي دول الشرق الأوسط. فموقع إلكروني عربي لبيع الكتب على الانترنت و أفلام قصيرة عن وصفات طبخ و التسوق عبر الانترنت جميعها أفكار و مفاهيم مبتكرة و لديها امكانات هائلة للنجاح في هذه المنطقة.
إن الشباب الذين يلتحقون بمعسكرات التدريب التي تعطيها أويسيس500 سيتمكنون من الحصول على تجربة واقعية تعلمهم كيف يحولون أفكارهم المبدعة الى تجارة ناجحة. و هذه الصيغة توفر واقع حقيقي لدعم نمو القطاع الخاص و وظائفه في الأردن.
هذا هو السبب الذي دفعني لتوقيع إتفاقية تعاون مع شركة أويسيس500 الممثلة بمديرها أسامة فياض، لدعم 3 دورات تدريبية بكلفة 150,000 دينار أردني في عمان وتوسيع برنامجهم ليشمل مدينة إربد. لقد أعجبت كثيرا بحماس وعزم الشباب الذين التقيتهم و اللذين أتموا تدريب أويسيس500 و حققوا استثمارات مضمونة. وأنا واثق من أننا سنرى نتائج رائعة من دعمنا لهذا البرنامج سواء في إنشاء شركات مربحة أو خلق فرص عمل جديدة.
حظا سعيدا!