1 June 2014 Sana’a, Yemen
حقوق الإنسان بين الصواب والخطأ
نشر اليوم مكتب خارجية المملكة المتحدة تقريره السنوي عن حقوق الإنسان الذي يستعرض تفصيليا جهودنا الرامية إلى تعزيز حقوق الإنسان بشكل عالمي في العام 2013. ولكن بينما يواجه اليمن صراعات يومية في حل النزاعات ومكافحة الفقر والفساد وانعدام الأمن الغذائي والمائي والإرهاب، لماذا القلق حول حقوق الإنسان؟ لماذا يُعد هذا الموضوع ذو أولوية؟
يمتلك اليمن وفرة الموارد الطبيعية لا سيما شعبه. الاستثمار في الشعب اليمني هو استثمار في مستقبل اليمن. من خلال التعليم والفرص، سيتمكّن الشعب من رعاية المبادرات التجارية والإبداع.. للوصول إلى حلول لمشكلات اليمن. لتحقيق ذلك، على اليمنيين فهم حقوقهم الإنسانية والتمسك بها.
إن المُثل العُليا التي نسلّم بأنها حقوق الإنسان – كالحرية والعدل والمساواة نادى بها فلاسفة اليونان القديمة. ونجد أن الحقوق الأساسية للحياة والكرامة والعدل والحرية والتعليم والتوظيف وحق العيش كلها وردت في القران الكريم.
إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الموقع عليه من قبل الجمعية العمومية للأمم المتحدة في باريس عام 1948 عقب فظاعات الحرب العالمية الثانية (صادقت عليه اليمن في 1994) يُقر بأن حقوق الإنسان مرسخة بمجموعة من القيم المشتركة التي لا تنظر إلى الديانة، أو العرق أو المكانة الاجتماعية في الوقت الذي تحترمها جميعا. تقوم حقوق الإنسان بتنظيم العلاقة بين الدولة والفرد. يتحدث الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن “الكرامة المتأصلة” و”المساواة” و “الحقوق الثابتة لكافة أعضاء العائلة الإنسانية” “كأساس للحرية والعدل والسلام في العالم”، بما يُحرر الإبداع الإنساني والتقدم الاجتماعي ويسمح لجميع المواطنين بتسخير كامل طاقاتهم لمصلحة المجتمع.
لدى اليمن عُرف في النقاش والحوار. حرية التعبير والمشاركة بالأفكار في مناخ يسوده الاحترام المتبادل يوفر أرضية خصبة للإبداع الفكري. رأينا في العامين الماضيين كيف أن عمل اليمنيين معا من أجل هدف مشترك: قد يحدث فرق. رأينا في ثورة العام 2011 الشعب اليمني، وخصوصا الشباب، وهم يطالبون بحكومة مختلفة الشكل وبمستقبل أفضل.
شهد الحوار الوطني تجمع اليمنيين من شتى مناحي الحياة معا لمناقشة المبادئ الأساسية لبناء دولة جديدة. أوضح مؤتمر الحوار الوطني من خلال توصياته التي قاربت الألفين إرادة اليمنيين في بناء مجتمع أكثر عدلا؛ مجتمع يَستثمر في جميع اليمنيين. تحديد الحد الأدنى من نسب مشاركة المرأة والشباب في المؤسسات السياسية، إقرار الحد الأدنى لسن الزواج، التعهدات بوضع تشريع للعدالة الانتقالية وتشكيل لجنة تقصي حقائق للبحث في انتهاكات حقوق الإنسان في العام 2011؛ كل هذه ما هي إلا أمثلة قليلة عن طرح مؤتمر الحوار الوطني لتطلعات واضحة في مجتمع أكثر عدلا. في المستقبل القريب سنرى لجنة صياغة الدستور وهي تعيد تشكيل العلاقة بين الدولة والشعب واضعة بالقانون المبادئ الأساسية لديمقراطية جديدة.
في الأسبوع الماضي، حظيَت السفارة البريطانية، من خلال برنامج تشيفننج للمنح الدراسية، مقابلة العديد من الشباب من جميع أنحاء اليمن ممن يكافحون لتحسين أنفسهم وبناء يمن أفضل من خلال عملهم. هؤلاء الشباب “المُلهِم بصدق” ما هم إلا بعض الأمثلة لكثير من الشعب في جميع أنحاء اليمن ممن يحرصون بشغف على بلدهم ولكنهم إلى الآن غير قادرين على تسخير طاقاتهم. إن العمل على ضمان حدوث عملية انتقالية سياسية حقيقية ومستدامة في اليمن لدعم وطن أكثر استقرارا هو من أهم أولوياتي كسفير للمملكة المتحدة باليمن.
لتحقيق هذا الهدف، تعمل المملكة المتحدة مع المجتمع الدولي لضمان تقديم الحكومة اليمنية للخدمات الأساسية.. كالتعليم والرعاية الصحية والأمن وذلك لتوفير بيئة لأعظم ما تملك اليمن ألا وهو شعبها ليزدهر. كجزء من دعم المملكة المتحدة، فأن وكالة التنمية الدولية تقدم أكثر من 328 مليون دولار في مجال التنمية والحد من الفقر في اليمن. من هذا التمويل تم تخصيص 117 مليون دولار للاستجابة الإنسانية حتى عام 2015.
قمنا بتمويل عدد من المشاريع المتعلقة بحقوق الإنسان بما في ذلك الدعم الفني لمؤتمر الحوار الوطني بإسهام قدره 6 ملايين دولار لصندوق الأمم المتحدة الائتماني متعدد المانحين وسنقدم دعم إضافي من خلال هذا الصندوق لمساندة عملية صياغة الدستور. وللعمل من أجل انتخابات حرة ونزيهة فأننا سنساهم بأكثر من 11 مليون دولار لدعم عمل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء المتعلق بالسجل الانتخابي وإقامة الاستفتاء والانتخابات.
حقوق الإنسان هي أيضا حقوق المرأة: ولكن من الصعب أن تكون امرأة يمنية. لهذا قمنا بتمويل مشروع في محافظة الحديدة لتمكين النساء الأرامل والمطلقات من أن يصبحن مستقلات ماليا. في يونيو الماضي، استضافت المملكة المتحدة مؤتمر سيدات الأعمال العربيات الذي جمع القطاع الخاص ومجموعة الدول الثمانية والدول العربية وشركاء إقليميين. رفع المؤتمر من أهمية دور المرأة العربية في الاقتصادات العالمية والإقليمية وناقش طرق تحسين الفرص الاقتصادية والبيئة التجارية للمرأة. نحن ندعم الرائدات من النساء وبرامج تثقيف الشعب حول ضرورة الحد من الزواج المبكر.
تقرير مكتب الخارجية البريطانية عن حقوق الإنسان يسلّط الضوء على الكثير من المشاكل التي تواجه اليمن. ولكني أعلم أيضا أن بالإمكان التغلب على هذه المشاكل من خلال تضافر جهود اليمنيين معا، وإيمانهم ببعضهم البعض كما رأينا في الحوار الوطني. تظل المملكة المتحدة عند التزامها، من خلال عملنا في حقوق الإنسان وبرامجنا، بالاستثمار في الشعب لتحرير طاقاتهم ومساعدة اليمن في تحقيق مستقبله الزاهر.