في اجتماع مجموعة أصدقاء اليمن في لندن الأسبوع القادم، سيجتمع الوزراء اليمنيين ونظرائهم من المجتمع الدولي لمناقشة التقدم المُحرَز في اليمن في النواحي الثلاث الأمنية والسياسية والاقتصادية.
لا يمكن احراز أي تقدم دائم في أي من هذه النواحي دون احراز تقدم في الأخرى فالسلام الحقيقي والأمن يتطلب تسوية سياسية عادلة وفرص عمل وسُبل عيش لملايين من اليمنيين الذين يكافحون من أجل مستقبل أفضل؛ التقدم السياسي يتطلب أن يوافق الشعب على تسوية الخلافات ببطاقات الاقتراع لا بالقنابل والثقة بأن عملية الانتقال السياسي ستؤدي إلى تحسّن حقيقي في حياة الناس؛ واقتصاد سليم يحتاج لخطوط انابيب نفط آمنة، وبيئة آمنة لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية وحكومة تتصرف بالنيابة عن جميع الشعب اليمني وتتصدى للفساد. تهدد الأزمة الإنسانية الجارية التقدم في جميع المجالات الثلاثة وستزداد سوءا ما لم يتم احراز تقدم.
جدول الأعمال الاقتصادي موضّح في الإطار المتبادل للمسئولية المشتركة والذي التزمت به اليمن وأصدقائها في اجتماع الرياض للمانحين في سبتمبر 2012. يبدو هذا بيروقراطية فظيعة ومعقدة ولكن المفهوم بسيط جدا. نحن جميعا ندرك أن لا الجهات المانحة ولا الحكومة اليمنية يمكن تحويل الاقتصاد وتحسين حياة الناس في اليمن من تلقاء نفسها – نحن بحاجة للعمل معا. ويحدد الإطار المتبادل للمسئولية المشتركة ما سوف تفعله الحكومة (مجموعة من الإصلاحات بما في ذلك سن قانون شراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وتعزيز الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، والاتفاق على برنامج صندوق النقد الدولي لوضع الاقتصاد على الطريق الصحيح) وما ستفعله الجهات المانحة (اعطاء ثمانية مليارات دولار من المساعدات لليمن من 2012 إلى 2015).
هذا ليس برنامج إصلاحات اقتصادية دولية يتم فرضه على اليمن. أقرّت وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني بالحاجة للإصلاح الاقتصادي على نطاق واسع، من ترشيد الإنفاق العام وتحسين تحصيل الإيرادات، وصولا إلى إزالة الحواجز أمام الاستثمار.
التقدم حتى الان كان مختلطا في أفضل الحالات في كلا الجانبين الحكومي والمانحين من الصفقة. فالإصلاحات التي التزمت بها الحكومة جميعها صعبة وتشكل تحديا سياسيا وهذا هو السبب أن القليل من التقدم تم احرازه. تنفق اليمن حاليا أكثر مما تكسب، والقليل من هذه النفقات يذهب إلى من هم بحاجة اليها من الشعب. هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتحقيق التوازن بين كتب الحسابات وإعادة توجيه الإنفاق للفقراء وتفادي أزمة اقتصادية.
أنا فخورة بأن أقول أن المملكة المتحدة تسير على الطريق الصحيح لتجاوز تعهداتنا في صرف 311 مليون دولار من المساعدات في اليمن من 1 ابريل 2012 إلى 30 مارس 2015 في مجال الاغاثة الإنسانية والبنية التحتية الاجتماعية الأساسية والحماية الاجتماعية والتحول السياسي وتكوين الثروات. عموما ومع ذلك، فأن أقل من نصف الثمانية مليارات دولار المتعهد بها تم صرفها. المانحين المتخصصون في مشاريع البنية التحتية يجدون بالغ الصعوبة في تدفق المساعدات ويرجع ذلك أساسا إلى الحاجة في تحديد الكثير من العمل واعداد المشاريع قبل أن يبدأ العمل.
هذا هو السبب في أن المملكة المتحدة تدعم أعمال وزارة التخطيط والجهاز التنفيذي الذي انشئ لمساعدة الحكومة في إعداد المشاريع الممولة من المساعدات والدفع بالحكومة لتنفيذ سياسة الإصلاح. تم تدشين الجهاز التنفيذي رسميا في ديسمبر من العام الماضي من قِبل الان دنكان عضو البرلمان ووزير التنمية الدولية البريطاني. وتم تعيين أمة العليم السوسوة مديرا في وقت سابق من هذا العام، ويسرني أن أقول إن الجهاز التنفيذي حقق بالفعل تقدما تحت قيادتها المثيرة للإعجاب، والعمل مع وزارة التخطيط.
بالنسبة للملكة المتحدة فإن اجتماع الأسبوع القادم هو فرصة للترحيب بالتقدم المحرز حتى الان من قبل الحكومة والجهات المانحة في تنفيذ الوعود الواردة في الإطار المتبادل للمسئولية المشتركة؛ والحث على العمل بشكل أسرع في تقديم المساعدات التي لم تصرف حتى الان وتنفيذ ما تبقى من الإصلاحات، والدعوة إلى مزيد من العمل الدولي لمعالجة الأزمة الإنسانية. في الأساس، إنها فرصة لفعل ما يفعله الأصدقاء الحقيقيين – وهو تقديم الدعم وقولهم لبعضهم البعض حقيقة ما يحتاج إلى تغيير. نعلم أن الشعب اليمني يريد ويستحق التقدم، لا سيما في الاقتصاد، وأعتقد أن آلية مجموعة أصدقاء اليمن الداعمة للإطار المتبادل للمسئولية المشتركة ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، هي أفضل وسيلة لتحقيق ذلك.