Site icon Foreign, Commonwealth & Development Office Blogs

حرية من الخوف

 Guard

يكاد لا يمر يوما في اليمن إلا ويكون فيه حادث أمني من نوعا ما: ففي أبرزها نرى اعتداءات ارهابية واغتيالات. نرى الليل من انعدام الأمن اليومي أو الأمن الغذائي أو العنف ضد المرأة التي تحدث في العديد من الدول ومنها اليمن.

 الأمن حق من حقوق الإنسان الأساسية. ويمكن تعريف الأمن بعدة طرق منها أنه تحرر من الخوف حيث يسمح لنا هدا التحرر بأن نحيا حياة يومية طبيعية وأن نمشي بحرية في الطرقات والشوارع وأن يتمكن أطفالنا من الذهاب إلى المدرسة. يمكن لضحايا الجرائم أن يتوقعوا عدالة دو شفافية بينما يمكن للمتهمين بارتكاب الجرائم أن يتوقعوا محاكمة عادلة وأن يوفر لهم دفاع قانوني فمن كان مذنبا يُعاقب وفقا للقانون. يتطلب مثل هدا النظام أن يكون الجيش والقوات الأمنية والشرطة في خدمة المجتمع ككل.

 الأمن هو العدل والأنصاف؛ فالمجتمع الامن يشجع الجميع من الاستفادة إلى أبعد الحدود من مواهبهم  ويسمح بالتقدم والارتقاء بحيث يرتقي الناس بأنفسهم و يرتقوا بعائلاتهم ويرتقوا بمجتمعاتهم وبلدهم دون أن يؤثر دلك على ارتقاء الأخرين.

مجموعة عمل مؤتمر الحوار الوطني الخاصة ببناء أسس أجهزة الأمن والجيش تمخّض عنها العديد من التوصيات التي سويا ستُحسّن من الأمن في كافة جوانب المجتمع. من السهل إنجاز العديد من هذه التوصيات: إدراج كوادر نسائية في مراكز الشرطة يتخصصن في الحالات النسائية والأطفال والعنف المنزلي؛ أيضا تأسيس لجنة مدنية لمراقبة أداء الجهاز الإستخباراتي وتشكيل هيئة مختصة في وزارة الداخلية مسئولة عن الشراكات المجتمعية لتحسين العلاقة وبناء الثقة. سوف تساهم هذه التوصيات والكثير غيرها في المساهمة نحو تفعيل وتمكين سلطة القانون. كالعادة في اليمن ليس النجاح في وجود أفكار جيدة ولكن في تنفيذها وتغيير المجتمع إلى الأفضل.

بالنسبة لمنتسبي قوات الأمن والشرطة والدفاع، هناك توصيات تركز على رفاهيتهم؛ فنجد على سبيل المثال الرعاية الممنوحة لأبناء وأسر الشهداء وضرورة تثقيف ضباط وصف وجنود القوات المسلحة حول قوانين وأحكام الجيش وعلى احترام حقوق الإنسان وتوفير ما يكفي من غذاء ومسكن وعناية صحية لكافة الموظفين. في العادة فأن الجندي الفقير على الأرض يستلم القليل من راتبه لأن الكثير من الاستقطاعات تمت في الطريق.

يحتاج الرجال والنساء الدين يخدمون الوطن وشعبه إلى وثيقة عهد: فأولئك الذين في الخدمة على أهبة الاستعداد للتضحية بأرواحهم وهي أغلى ما لديهم في سبيل قيَم الوطن وسيادته. وفي المقابل فأن لديهم كل الحق في أن يطالبوا بأن تقدم الدولة لهم ولعائلاتهم كامل الرعاية وأن القيم التي يعيشون وفي بعض الأحيان يموتون من أجلها هي القيم الصحيحة.

الأمن أيضا يعني الأمن الغذائي والمائي. فلا يزال يوجد في اليمن 14,7 مليون شخص في حاجة إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية – أي أكثر من نصف سكان اليمن والرقم هو الأعلى على مستوى دول العالم. يُعاني 10,5 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي وهناك 8,6 مليون شخص لا يحصلون بشكل كافي على الخدمات الطبية وأكثر من مليون طفل يعانون من سؤ التغذية الحاد ولا يزال 13 مليون شخص يفتقرون إلى سُبل الحصول على المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي. يستدعي هذا ضرورة أن تستجيب المنظمات الدولية الغير حكومية لهذه الأزمة وأن تقدم مساعدات عاجلة في المناطق اليمنية التي تسببت النزاعات فيها بنزوح الكثير وتدمير البنية التحتية وسُبل المعيشة. ولكن بدون أمن كافي ستعاني المنظمات من الكثير للوصول لمن يحتاجون المساعدة.

في بعض الأحيان يقول الزوار الدوليين لي “بالنظر إلى مشاكل اليمن، يجب أن تبدأ بتوفير الأمن”. للأسف ليس الأمر بهده البساطة: الأمن والاقتصاد والسياسية مرتبطين ببعضهم البعض بشكل كبير ووجود أو عدم وجود تحرك في احداها قد يؤثر على البقية. أمن انابيب النفط مثال وثيق على هدا: فأن تدفق النفط يحتاج تطبيق جميع هده الثلاث. الموارد ليست بلا نهاية ولكن المشاكل في بعض الأحيان تبدو بدون حدود. توضح استراتيجيات الأمن القومي وتعطي الأولوية للتحديات والموارد المتاحة لإدارتها: أفهم بأن اليمن حاليا يقوم بتطوير مثل هده الاستراتيجية وهده أخبار مرحب بها.

ولأنه لا يمكن لأي دولة القيام بتأمين مستقبلها دونما العمل مع الآخرين. فاليمن وجيرانها، وبشكل خاص المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ودول القرن الأفريقي، بحاجة إلى العمل سويا لمواجهة الإجرام الدولي المتمثل في التهريب والصيد غير القانوني والإرهاب والتحديات البيئية وغيرها التي تهدد المنطقة.

بوجود استراتيجية أمن قومي فأن أصدقاء اليمن الدوليين سيرون ما تحتاجه اليمن وما الدي يمكننا عمله لدعمها: فعادة يكون للدعم الدولي النوايا الطيبة ولكن بدون هيكل واضح للعمل فأنه يصبح أقل من إجمالي أجزائه. مجموعة العمل الأمنية التابعة لمجموعة أصدقاء اليمن والتي سيتم تأسيسها بشكل رسمي في 29 ابريل ستكون فرصة مهمة لجمع احتياجات اليمن ودعم المجتمع الدولي بطريقة أكثر هيكلية ومتناسقة لدعم مخرجات مؤتمر الحوار الوطني واستراتيجية الأمن اليمني.

 لدى المملكة المتحدة علاقة طويلة مع قوات الأمن اليمنية: لسنوات عديدة قدمنا العديد من المنح الدراسية لبعض من القادة العسكريين اليمنيين الواعدين مع قوات الأمن البريطانية بالإضافة إلى إرسال العديد من قوات الشرطة إلى أكاديمية شرطة بارمشيل . في الماضي قدم مدربين عسكريين بريطانيين بزيارة اليمن وتقديم تدريب لقوات الأمن البحرية مع خفر السواحل ونستمر في العمل بشكل وثيق مع الحكومة اليمنية لتعزيز كفاءاتها الخاصة بمكافحة الإرهاب.  وهناك برنامج بتمويل من المملكة المتحدة للشرطة والعدل يدعم بناء القدرات مع تدريبات في المملكة المتحدة لعدد من القضاة ورجال الشرطة؛ وقد حسن البنية التحتية وإعادة التأهيل لمراكز الشرطة  في صنعاء. ولقد قدمنا تدريب في جمع واستخدام أدلة الطب الشرعي للشرطة اليمنية والقضاة والنواب العوام.

Exit mobile version