مبروك للبنان! مناخ ايجابي يعمّ البلاد.اليافطات ارتفعت والاعلام ترفرف. الاسبوع الماضي نُظّم في قصر بعبدا احتفال رسمي طال انتظاره حيث شرّفني تقديم اوراق اعتمادي الى الرئيس عون.
من المشجّع ان نرى أخيرا رئيسا “صنع في لبنان” لطالما نادى المجتمع الدولي بانتخابه. ومن الواضح لي ان الرئيس انتُخب بمبادرات محلية ومن دون توجيهات خارجية. لقد اجتمع القادة اللبنانيون واتفقوا على وضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وتوصلوا الى تسوية في ما بينهم على مستقبل البلاد. مع انتخاب الرئيس عون وبفضل الحركة الناشطة للرئيس المكلّف سعد الحريري، تبرز فرصة حقيقية لاعادة احياء المؤسسات السياسية ونأمل ان تسود روح التسوية الجديدة طويلا بين كل الافرقاء.
ان العرض العسكري الذي ينظّم اليوم لمناسبة عيد الاستقلال، وهو الاول منذ ثلاث سنوات، يجسّد اعادة احياء مؤسسات الدولة التي أدت الى انتخاب رئيس والتي يجب ان يخلفها تشكيل حكومة لإتمام العملية. ان احياء الدولة سيبني الثقة بأن الاقتصاد سينتعش بفضل القرارات الضرورية التي ستتخذ في مجال الاستدامة المالية وتشجيع مناخ الاعمال والبنية التحتية الطارئة. كما يمثل تشكيل حكومة نشيطة فاعلة فرصة للبنان لجذب دعم جديد من الاسرة الدولية. لذلك من الضروري ان تخاطب الحكومة شركائها في المجتمع الدولي بصوت موحد وان تبرهن فاعليتها في تنفيذ برامج للبنانيين واللاجئين. فالتمويل يأتي ثمرة نجاح هذه البرامج وكلما أظهرت الحكومة قدرتها وفاعليتها كلما حصلت على تمويل اضافي.
لقد كان من المفرح ان نرى كل هذا الزخم في مفاوضات الرئيس الحريري لتشكيل حكومة. ويأمل المجتمع الدولي كما كل اللبنانيين الذين تحدثت اليهم تشكيلها قريبا من اجل احراز تقدم في الاصلاحات واغتنام الفرص المتاحة.
الكل أشاد ورحّب بقول الرئيس انه سيكون رئيسا للجميع وبأنه سيحترم الاتفاقيات الدولية. هذا إطار مهم للمجتمع الدولي الذي يود ان يعرف ويلمس في عمل الدولة بان ما من جهة ستكون مفضلة على غيرها وانه سيتم احترام قرارات الامم المتحدة واعلان بعبدا. وحدها الدولة قادرة على تمثيل كل اللبنانيين وحمايتهم والدفاع عنهم.
الاهم ان انتخاب رئيس يعني ان الجميع جاهز للبدء بتحضير الانتخابات البرلمانية العام المقبل بعد طول انتظار. ومثل اللبنانيين، كذلك المجتمع الدولي يتطلّع الى اجراء الانتخابات في وقتها- واذا أمكن وفق قانون انتخابي حديث. الى جانب النقاش الدائر حول افضل نظام انتخابي لتمثيل اللبنانيين يجب ألا ننسى ان اعتماد قانون جديد يمثل فرصة لتعزيز العملية الانتخابية وضمان سلامة الاقتراع وايجاد طريقة لإشراك عدد اكبر من النساء في البرلمان. يجب على لبنان تحديث تقليده الديمقراطي العريق الذي لطالما جعل منه منارة في العالم العربي.
احتفالات الاستقلال هذا العام احتفال ايضا برئيس صنع في لبنان ويتصدر الجيش اللبناني العرض العسكري لانه حامي سيادة لبنان واستقلاله وعماد الاستقرار. ونحن نفتخر بشراكتنا مع هذه المؤسسة العظيمة.
سبق وكتبت عن الاستقلال 2 عندما دعوت لايجاد حلّ لبناني للمأزق الرئاسي لكن الاستقلال ليس يوما واحدا فاجعلوه يمتد على سنة كاملة. أمام الرئيس والحكومة العتيدة عمل مهم الآن وعليهم خدمة أمّة واحدة هي لبنان وشعبه.