“يحيي” لبنان اليوم ذكرى مرور سنتين من دون رئيس للجمهورية.
أحيت جامعة سيدة اللويزة مؤخراً الذكرى ال500 لنشر كتاب يوتوبيا (او المدينة الفاضلة) لتوماس مور. بحسب ايراسموس ان عبقرية مور “بلغت حدا لم ولن تشهد له بريطانيا مثيلا”. لكن رغم الاهمية الوطنية التي يمثلها توماس مور في بلادي أعتقد انه يتناسب تماما مع لبنان الحديث.
ما هي يوتوبيا لبنان؟ يذكرنا الفراغ الرئاسي للأسف بالعقبات التي يمكن ان تنجم عن النظام الطائفي، والقادرة على شل الدولة وإضعافها. من دون شك يوتوبيا لبنان يجب ان ترتكز على التعايش. لكن الأمر الاساس: هو على الذين يريدون المحافظة على شكل من اشكال التعايش ان يتمسكوا بالدولة القوية لان النظام الذي لا يوفر الخدمات الاساسية وفرص العمل وحكم القانون هو نظام غير قابل للحياة. هذا يعني مساءلة ديمقراطية ومحاسبة قانونية تتجاوز عملية التقسيم الحسابية للدولة ومحسوبياتها على اسس طائفية ونظاما لا تشله الصراعات الطائفية، ويعمل لصالح اللبنانيين.
انتخاب رئيس أمر مهم طبعاً. فلبنان ظلّ مستقرا بفضل صمود شعبه ومرونته وعمل بعض المؤسسات اللبنانية الرئيسية الإستثنائي والدعم الدولي المتزايد له. لكن الفراغ يؤدي الى تآكل أسس الدولة ويصعِّب على الحكومة أخذ القرارات المطلوبة خاصة بالنسبة الى الاولويات الاقتصادية والامنية. وكنتيجة لذلك اصبحت الاصلاحات الاقتصادية الاساسية تنحرف فيخشى بذلك أن يفوّت لبنان على نفسه فرصاً كبيرة نتيجة مؤتمر لندن ليطور مشاريع بنى تحتيّة واسعة النطاق من شأنها ان تؤدي الى خلق فرص عمل وانعاش الاقتصاد.
ان الانتخابات البلدية التي تجري حالياً خير فرصة لإنعاش العملية الديمقراطية. ولكنها لا تعتبر بديلاً عن انتخاب رئيس أو عن اجراء انتخابات برلمانية بأوسع مشاركة ممكنة (ان لجهة المرشّحين أو الناخبين). لست أنا من يحدّد أي قانون انتخابي يجب أن يعتمد أو ما هي الاصلاحات المؤسساتية المطلوبة لكن يبدو لي أن نمط “كلما تغيرت الامور كلما بقيت كما هي” قد استنفذ.
كيفية الوصول الى المدينة الفاضلة مسألة غالبا ما تشكل محور نقاش سياسي شرس وتغيير صعب. على قادة البلاد تحمّل مسؤولياتهم في حماية وتعزيز التعايش الذي يشكل رمز لبنان عبر التوافق في ما بينهم والمساومة على الحل للسير قدماً. لقد آن الاوان لكي يكون للبنانيين وطن يبرز ديناميكية هذا الشعب وابداعه، وطن يزدهر مجدداً كنموذج لتعايش ناجح وكهمزة وصل فريدة بين الغرب والشرق الاوسط.
لقد آن الاوان ليكون للبنان رئيس.