16 September 2015 Istanbul, Turkey
مستقبل أفضل لسورية: بعثات تشيفننغ 2015
ربما سمعتم ببرنامج بعثات تشيفننغ. في كل سنة تقدم الحكومة البريطانية هذه البعثات لمن نرى أن لديهم إمكانات بارزة كقادة حاليين أو ناشئين لمساعدتهم بمواصلة تعليمهم العالي. المنافسة للفوز بهذه البعثات شديدة جدا، شديدة لدرجة أنني أشك تماما بأني كنت سأحصل على هذه البعثة لو كنت قدمت طلبا للفوز بها.
في السنة الحالية تم اختيار 37 من السوريين كطلاب في بعثة تشيفننغ، وذلك من بين نحو 1000 سوري قدموا طلباتهم لهذه البعثة. لدى هؤلاء المبتعثين الآن فرصة الدراسة للحصول على درجة الماجستير خلال سنة واحدة في أي من الجامعات البريطانية المرموقة، وفي مجموعة واسعة من التخصصات. ونحن ندرك أهمية مساعدة السوريين البارعين لمواصلة تعليمهم العالي، رغم الصراع المستمر في بلدهم.
يشكل برنامج البعثات هذا جزءا أساسيا من التزامنا لتحقيق مستقبل أفضل لسورية، وهناك العديد من خريجي بعثات تشيفننغ الذين يعملون بالفعل لتخفيف معاناة السوريين. وعدد السوريين الذي سنرسلهم في السنة الحالية ضمن برنامج البعثات سيكون هذا أكبر من أي وقت مضى. وبمقارنة نسبة المبتعثين لعدد السكان، فإن برنامج تشيفننغ المخصصة للسوريين أكبر مما هو في أي بلد آخر.
نظمت السفارة البريطانية في بيروت في الشهر الجاري مراسم وداع حافلة للمبتعثين بموجب برنامج تشيفننغ، إلى جانب تزويدهم بنصائح مفيدة حول كيفية تحقيق أكبر فائدة من برامج الدراسة التي اختاروها. وكان فيما عرضه كل من هؤلاء الطلاب المتميزين تذكير لي ولفريق عملي بمن لديهم الشجاعة بأن يحلموا بمستقبل أفضل لسورية. ونحن نفتخر بمساندتهم خلال مسيراتهم هذه.
يتيح برنامج تشيفننغ، من خلال تمويل بعثات 2,000 طالب وطالبة، ومن خلال خريجيه البالغ عددهم 44,000 في أنحاء العالم، فرصة فريدة لقادة المستقبل لبناء شبكة عالمية وتأسيس شراكات اجتماعية أو ثقافية أو أكاديمية أو تجارية مع المملكة المتحدة.
لا يفوتني أن أتطرق إلى الصراع في سورية. إنه مأساة. فقد تجاوز عدد القتلى 250,000 قتيل. وهناك ملايين النازحين أو المحتاجين للمساعدة أو الساعين للجوء إلى دول في الخارج. لا يمكنني أن أرى مستقبلا سعيدا لسورية مع استمرار الأسد على رأس السلطة. وتلك نقطة عملية تماما كما هي نقطة أخلاقية. لا بد له أن يرحل في النهاية. وحاليا أبذل أنا وزملائي الجهود وكأن هذا الصراع سينتهي يوم غد. حيث نعمل لتخفيف معاناة السوريين، ومساندة المعارضة، ومحاولة حمل المجتمع الدولي على الإجماع بشأن كيفية التفاوض على عملية انتقالية دون الأسد، ومواصلة الضغوط عليه وعلى نظامه.
وبرنامج تشيفننغ جزء من هذه الجهود. فمن الضرورة بمكان إعداد هؤلاء السوريين الطموحين لاستغلال دراساتهم العليا في المملكة المتحدة لأجل بناء مستقبل أفضل لسورية. ومن بين المبتعثين هذه السنة من يعتزمون العمل بمجال الإغاثة الإنسانية، ومختصون بالتنمية، ومصممون معماريون، ومحللون وصحفيون ومهندسون، إلى جانب اختصاصات عديدة أخرى. وسيكونون جميعهم بمكانة قوية تتيح لهم إنقاذ بلدهم لدى عودتهم إلى سورية.
ويسرني جدا أن أكثر من نصف المبتعثين هذه السنة هم من النساء. فالحقيقة الواضحة هي أن الأصوات القوية للنساء يجب أن تكون جوهرية في تسوية الصراع العنيف. ليس لدي وقت لأكرر المقولة المبتذلة بأن القلق الوحيد على النساء في الصراع يتعلق بضرورة حمايتهن. بكل تأكيد لا بد من حمايتهن، تماما كضرورة حماية البنات والأولاد والرجال الأبرياء. لكن النقطة الأهم هي ضرورة أن تتمكن النساء من الوقوف إلى جانب الرجال، وأن تؤخذ جهودهن بعين الاعتبار في إحلال السلام في البلد.
سألنا المشاركين في بعثة تشيفننغ عن تطلعاتهم بالنسبة للسنة القادمة. الكثير منهم يتطلعون للقاء أشخاص جدد واكتشاف مناطق جديدة وتوسيع آفاق معرفتهم بمجالات خبراتهم وتخصصاتهم. وقد علق أحد المبتعثين قائلا: “أؤكد مجددا أن عنوان حياتي هو ’إن‘”، التي تضم كلا من التشوق لما سيأتي وعدم اليقين بشأنه – وبالنسبة للأغلبية، هذه أول زيارة لهم إلى المملكة المتحدة. وكان آخرون واقعيين بشأن الحنين للوطن والضغوط العاطفية لكونهم يخلفون وراءهم أحباءهم. وعبرت إحدى الطالبات المبتعثات التي ستلتحق بكلية الدراسات الشرقية والأفريقية عن قلقها بأنها ستجد “سورية مختلفة” لدى عودتها بعد سنة. لا يسعنا سوى التعاطف حين نشهد مدى سرعة ومأساوية التطورات في سورية على مدى السنوات الأربع الماضية. إلا أن الشعور الغالب بين الحاضرين والحاضرات كان الإحساس بالأمل والتحمس للسنة القادمة.
رسالتي الأخيرة “للتشيفنيين” لدى استعدادكم للانطلاق بمغامرتكم البريطانية:
استمتعوا بهذه اللحظة. واعلموا أنكم أفضل الأفضلين. واستعدوا للاستمتاع بما سيكون وقتا رائعا في المملكة المتحدة. ثم عودوا واتصلوا بنا لكي نتمكن من العمل معا لأجل سورية.
أما طلاب بعثة تشيفننغ المحتملين مستقبلا فأقول لهم أن باب استقبال الطلبات لسنة 2016-2017 مفتوح حاليا. يمكنكم معرفة لمزيد من التفاصيل بزيارة الموقع www.chevening.org/Syria. والموعد النهائي لتقديم الطلبات في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015.