شعار وزارة الخارجية

وزارة الخارجية والتنمية البريطانية

مدونات وزارة الخارجية والتنمية البريطانية

11 January 2025 لندن، المملكة المتحدة

الواقعية التقدمية

ألقى وزير الخارجية، ديفيد لامي، كلمة حول السياسة الخارجية يوم الخميس، 9 يناير، تحدث فيها عن الواقعية التقدمية وما تعنيه، والهجرة غير الشرعية، والنمو الاقتصادي.

في كلمته، التي تناول فيها أيضا الهجرة غير الشرعية والنمو الاقتصادي، قال وزير الخارجية بأن علينا اليوم أن نواجه المستقبل بخطتنا للتغيير من خلال تثبيت دعائم الاستقرار الاقتصادي في الداخل وحماية حدودنا وأمننا القومي، بحيث يمكننا أن نحقق أولويات الأفراد الذين يعملون بجد ونحقق كذلك عقدا من التجدد الوطني.

لكنه أشار إلى أنه للنجاح في هذه المهمة، علينا التعامل مع عالم أصبح متقلبا بشكل متزايد وتحقيق غاياتنا في الداخل. وأن وزارة الخارجية والتنمية هي المسؤولة عن تطبيق سياستنا الدولية في الخارج. وأن هذه الاستراتيجية ليست مجرد توقعات لما قد يحدث الأسبوع القادم في بلد ما أو في الشرق الأوسط.

وبالتطلع إلى سنة أكثر تقدمية في 2035، قال وزير الخارجية بأن يجب ألا نسمح بعد الآن لحقبة التسعينات من القرن الماضي أن تشوش رؤيتنا. حيث إن سلام الحرب الباردة قد ولى وانتهى تماما، وهذا بحد ذاته يشكّل بيئة استراتيجية مختلفة. وأضاف بأن عدد الصراعات في العالم اليوم يفوق أي وقت مضى منذ 1945. كما أن شبح المجاعات يخيّم على مناطق عدة، من غزة إلى السودان. وأعداد اللاجئين والنازحين لم يسبق لها مثيل.

الواقعية التقدمية

من هنا، كما رأى وزير الخارجية أن سياستنا الخارجية يجب أن تتغير، مسمياً مقاربتنا الجديدة بالواقعية التقدمية التي تتمثل بأخذ العالم كما هو وليس كما نتمناه أن يكون، وتسعى لتحقيق غايات تقدمية من خلال وسائل واقعية. وقد أوضح ما تعنيه الواقعية التقدمية في سياقات مختلفة.

ففي أوروبا، الواقعية التقدمية تعني العمل مع الأوروبيين عوضا عن الخلاف معهم وعزل أنفسنا عنهم. وبهذا الصدد، كما قال وزير الخارجية، يجري التفاوض بشأن اتفاقيات جديدة للدفاع والهجرة مع ألمانيا، والإعداد لقمة بريطانية فرنسية، وهناك حقبة جديدة من العلاقات مع إيرلندا، وحوار جديد بشأن السياسة الخارجية مع الاتحاد الأوروبي، ويُعد ذلك بمثابة الخطوة الأولى نحو اتفاق أمني بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن الواقعية التقدمية تعني تقوية صداقتنا مع كلا الحزبين في الكونغرس.

وفي مواجهة روسيا، فإن الواقعية التقدمية تعني عدم السماح لدولة المافيا التي يرعاها بوتين أن تتصرف بمأمن من العقاب، وأن نُظهر للعالم عزمنا على الوقوف إلى جانب أوكرانيا حتى النصر، وضمان تقديم 3 مليارات جنيه إسترليني سنويا كدعم عسكري مهما طال الوقت وتوفير التمويل لأوكرانيا من الأصول الروسية المجمّدة.

وأضاف وزير الخارجية بأن إلى جانب زيادة وتيرة العمل مع الحلفاء حيال حملة المعلومات المضللة التي ينشرها الكرملين، “سأجعل مهمتي الشخصية أن نقطع مصادر الإيرادات عن روسيا من خلال عقوباتنا الاقتصادية، وفرض أكبر قدر منها ضد محاولات روسيا الالتفاف على العقوبات بأسطولها البحري “الخفي”، والدفع إلى الأمام بحملتنا ضد النظام القائم على الاختلاس الحكومي”.

وبالنسبة للصراعات في الشرق الأوسط، فإن الواقعية التقدمية تعني الوقوف بحزم في مواجهة الإرهاب، ودعم القانون الدولي. وتعني أيضا مضاعفة مساعداتنا الإنسانية للسودان، واستئناف تمويل الأونروا، ومساندة المحاكم الدولية، واتخاذ قرارات صارمة بشأن تراخيص التصدير. “سيكون ذلك دون أي تخاذل من جانبنا في الدفاع عن إسرائيل ضد النظام الإيراني الذي يسعى لتدميرها، وأن نعمل بنفس الوقت للتوصل لوقف لإطلاق النار في غزة لكي نتمكن من زيادة المساعدات، وتحرير كافة الرهائن، وإحراز تقدم في حل الدولتين”.

وبالنسبة للصين، تعني الواقعية التقدمية الثبات وليس التذبذب في المواقف. حيث كان وزير الخارجية قد أوضح ذلك خلال زيارته لبكين، “وستتابع وزيرة الخزانة ريتشيل ريفز فعل ذلك هذا الأسبوع”. كما يعني ذلك الانخراط بشكل عملي في التعاون مع الصين حيثما أمكن في عدة مجالات، منها التجارة وتغير المناخ والصحة العالمية، وتنظيم الذكاء الاصطناعي. “لكن ذلك يعني أيضا حوار صارم والتصدي في حال وجود تهديدات واضحة.”

وفيما يتعلق بأزمة تغير المناخ والطبيعة، تقتضي الواقعية التقدمية العمل على النطاق العالمي باعتباره أساسيا لتحقيق استقلالنا في مجال الطاقة وأمننا القومي. وقد أشار وزير الخارجية إلى إطلاق التحالف العالمي للطاقة النظيفة، الذي يضم 12 دولة، في مهمته الأولى لتعجيل تعميم الطاقة النظيفة، وخلق وظائف صديقة للبيئة، وتشجيع الاستثمار في الداخل”.

ثلاثة مبادئ واقعية

أشار وزير الخارجية في كلمته إلى “ثلاثة مبادئ واقعية من شأنها أن تقود سياساتنا الخارجية بحيث نصل إلى عام 2035 ونحن أكثر تقدمية”:

أولا، علينا إعادة دراسة حقبة الحرب الباردة، وممارسة التخطيط طويل الأجل وليس قصير المدى. والردع الثابت وليس تشتيت الانتباه الدائم. والتكيف مع البيئة الاستراتيجية التي تعيد التكنولوجيا الناشئة بلورتها. والحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي في عالم غير مستقر.

ثانيا، علينا أن نقرن القول بالفعل لكي يأخذنا كل من خصومنا وحلفائنا على محمل الجد، ويبدأ ذلك بمواجهة الحقائق. ولعل دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس كانا مصيبين عندما قالا إن على الأوروبيين فعل المزيد للدفاع عن قارتهم. سيكون من قصر النظر الادعاء بعكس ذلك، خاصة وأن روسيا ماضية في مخططاتها. وبهذا الصدد، قال وزير الخارجية أن الحكومة البريطانية تعتزم الوصول بالإنفاق الدفاعي إلى 2.5% من إجمالي الناتج المحلي.

ثالثا، علينا الانخراط في شراكات أكثر عمقا مع الجنوب العالمي. حيث لا يمكن فصل منطقة أوروبا-المحيط الأطلسي عن منطقة المحيطين الهندي والهادي، وقد نشر الكرملين أذرعه عبر العالم لبث معلومات مضللة في كل قارة، مرسلا المرتزقة إلى أفريقيا وساعيا لإقامة علاقات وثيقة داخل دول مجموعة “بريكس” [البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا].

الهجرة غير الشرعية

أشار وزير الخارجية في كلمته إلى الدور الحيوي لوزارة الخارجية والتنمية في محاولة حل هذه المشكلة. حيث الاستراتيجية الواقعية تنطوي على دبلوماسية صارمة، والاتفاق مع الشركاء على تدخلات ذكية عند كل مرحلة من المسارات الدولية لتهريب المهاجرين بحيث يمكننا معا تقوية حدودنا، والقضاء على عصابات التهريب، وإعادة من لا يحق لهم التواجد هنا إلى أوطانهم.

وأضاف قائلا: “ترى حكومتنا، بدءا من رئيس وزرائها، التحديات كما هي بحقيقتها. لذلك أنا أعمل بشكل وثيق جدا مع وزيرة الداخلية إيفيت كوبر، مستعينا بالوحدة الجديدة المعنية بالهجرة غير الشرعية في وزارة الخارجية والتنمية للاستفادة من كافة الأدوات المتاحة لنا من أجل إعادة السيطرة على حدودنا، ورفع كفاءة التعاون بشأن إعادة هؤلاء الأفراد إلى أوطانهم. ومن خلال منع النزاعات، يمكننا وقف تدفق الأفراد إلى خارج أوطانهم في المقام الأول. ومن خلال تطوير مشاريع ، أن نشجع الأفراد على البقاء في أوطانهم، مثل المشاريع التي نشارك بها الآن في ألبانيا وفيتنام والعراق.”

النمو

فيما يتعلق بالنمو، شدد وزير الخارجية على ضرورة أن تعمل شبكة وزارة الخارجية بشكل وثيق مع وزارة الأعمال والتجارة ومكتب الاستثمار، وذلك من أجل اكتشاف الفرص في الخارج ومساعدة الشركات الأجنبية لاقتناص تلك الفرص للعمل مع بريطانيا. وقال بأن لتحقيق هذه الأجندة بشكل أفضل في الخارج، فإننا نحتاج لتعيين المزيد من الدبلوماسيين ممن لديهم الخبرات والمهارات في القطاع الخاص. ومزيد من الخبرات بشكل خاص في قطاعات مثل التكنولوجيا والبيانات وعلوم الحياة، التي تتفوق فيها المملكة المتحدة على مستوى العالم.

وهنا، أشار وزير الخارجية إلى أننا نفتخر بكون المملكة المتحدة ثاني أكبر مصدّر في العالم للخدمات الاحترافية والتجارية، “حيث لدينا أربع من أفضل عشر جامعات في العالم، ونأتي في المرتبة الأولى في أوروبا فيما يخص عدد شركات التكنولوجيا العملاقة”. هذا إلى جانب القطاعات الابتكارية التي تمثل إحدى نقاط قوتنا، حيث تشكّل 15% من صادراتنا الخدمية، بالإضافة لكونها عاملا مضاعفا للنفوذ البريطاني، ولديها التأثير القوي للجذب وليس للإرغام. وقال وزير الخارجية بأنه، بالعمل مع وزيرة الثقافة ليزا ناندي، سوف ينشئ قريبا المجلس البريطاني للقوة الناعمة حتى يتسنى للحكومة البريطانية أن تكون شريكا لقطاع الأعمال وغيره “الذين هم في غاية الأهمية لازدهارنا في الداخل، ولمكانتنا في الخارج”.

Leave a Reply

Read our Guidelines for commenting

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.