وافق الملك جون عام 1215 على وضع وثيقة ماغنا كارتا (وثيقة الحقوق العظمى) لتكون الخطوة الأولى نحو الديمقراطية في المملكة المتحدة، مما جعلها هذه إحدى أهم الوثائق في العالم حول حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية.
تقول المادة 39 من وثيقة ماغنا كارتا :”لا يجوز القبض على أي إنسان حر أو سجنه، أو تجريده من حقوقه أو ممتلكاته، أو حرمانه من حماية القانون أو نفيه، أو حرمانه من مكانته بأي شكل من الأشكال، كما لا يجوز لنا الاستمرار في استخدام القوة ضده، أو إرسال آخرين للقيام بذلك، إلا وفق محاكمة قانونية أمام المساوين له أو وفق القانون.”
وتقول المادة 40: ” لن نبيع العدالة أو أي حق من حقوق الإنسان، ولن نحرم منها أي إنسان”.
ألهمت هذه الوثيقة دولا وأمما حول العالم لتبني عليها وثائقها، وخير مثال على ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948 والذي اعتمد على ماغنا كارتا.
وإذ كان لا بد من الإشارة إلى أهمية ماغنا كارتا كوثيقة حقوقية عالمية، بينما يحتفل العالم بيوم حقوق الإنسان، يتبادر إلى الذهن تساؤل فيما إذا كانت هناك ثمة وثيقة “ماغنا كارتا عربية”؟ طبعا لا توجد وثيقة بهذا الإسم، ولكن هذه المنطقة عرفت أفكارا سباقة عبر التاريخ حول حقوق وكرامة الإنسان، ويمكن القول أنها سبقت ماغنا كارتا.
ومن الأمثلة على ذلك، قول الخليفة عمر بن الخطاب “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا”، وكذلك الخليفة الإمام علي بن أبي طلب متحدثا عن المساواة بين كل البشرية جمعاء “الناس صنفان: إمّا أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق.” تصبّ جميع هذه الأقوال، وقد ذكرنا بعضا منها فقط، في الدفاع عن الإنسان وكرامته.
لذلك، عرفت هذه المنطقة ومنذ قديم الزمان دعوات كثيرة للعدالة ورفض الظلم. وكما أنها قيم عالمية عابرة للحدود، تلتقي فيها الحضارات والثقافات، هناك دائما من يعترض طريق تنفيذ وتطبيق هذه القيم في كل أصقاع الأرض، وغالبا ما يحصل ذلك من قبل حكومات مستبدة أو جماعات متطرفة وكلاهما يشتركان بمصلحة واحدة وهي رفض الآخر.
في بريطانيا، مثلا، يعيش الجميع تحت حكم القانون فهو حجر الأساس الذي تبنى عليه الإصلاحات الحقيقية، والديمقراطية، لأن القانون هو الذي يحمي الحقوق سواء كانت حق العمل، الحق بحرية التعبير والعيش بحرية وسلام، حق السفر، الخ. وكما يقال “القانون يعلو ولا يُعلى عليه” وهذا هو أساس تطور الأمم حيث يمكن لأي إنسان في بلد متطور أن يسائل أكبر مسؤول في بلده، دون أن يتعرض لأي خطر، لأن القانون يحميه.
وبهذه المناسبة، لا بد من الإشارة أيضا إلى حرية الدين والمعتقد كجزء رئيسي ومهم من حقوق الإنسان. تعمل وزارة الخارجية البريطانية على نحو وثيق مع وزارة التنمية الدولية البريطانية لإثارة قضية حرية الدين أو المعتقد مع الحكومات الشريكة. خلال عام 2017، أعلنت وزارة التنمية الدولية البريطانية عن برنامج Connect Aid UK لمعالجة تحديات التنمية الرئيسية في بناء حرية الدين أو المعتقد. وطوال عام 2017، واصلنا دعم عدد من مشاريع حرية الدين أو المعتقد، من خلال صندوق ماغنا كارتا التابع لوزارة الخارجية. وقد شمل ذلك مشروعا لدعم معلمي المدارس الثانوية في عدد من الدول العربية لتثقيف طلابهم حول التسامح و حرية الدين أو المعتقد.
وختاماً، يقول إدوين سموأل، المتحدث باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن حقوق الإنسان تشمل أيضا الحقوق الأساسية للإنسان في مجتمعه من أبسط الحقوق إلى أكبرها، لذلك هي ليست مقتصرة فقط على الديمقراطية والحريات، بل توجد أيضا حقوق في الحياة اليومية التي يحتاجها كل إنسان مثل حق التعليم، والصحة، والغذاء.