26 March 2018 الشرق الأوسط

خواطر حول اليمن من مقيم سابق في السعودية

“يجب ألا يجد أحد نفسه، حين يخلد إلى سريره مساء، يتساءل عما إذا كان سيتعرض أطفاله للقصف أثناء ساعات الليل. المدنيون ليسوا أهدافا مشروعة حسب قوانين الحرب. فليحفظ الله أهالي الرياض الذين تعرضوا لهجمات صاروخية. لا يمكنني أن أتخيل بأن المدينة التي عشت فيها سابقا واقعة تحت التهديد.

“على المستوى الشخصي، زرت شوارع الرياض قبل بضعة أسابيع لمقابلة شباب وشابات سعوديين أعربوا عن انبهارهم بالحداثة التي يمر بها بلدهم… ومن المحزن أن أفكر بأن هذه الشوارع نفسها باتت اليوم أقل أمانا.”

هذا ما قاله المتحدث الإقليمي باسم الحكومة البريطانية، إدوين سموأل، تعليقا على الاعتداء الصاروخي على الرياض، والذي يصادف أيضا دخول الصراع في اليمن عامه الرابع.

ومضى سموأل يقول بأن “دائرة الانتقام بإطلاق صواريخ عشوائية من اليمن لن تؤدي سوى لإطالة تصعيد مأساوي للعنف” مشيرا إلى أن من حق السعوديين، كما هو حق اليمنيين، أن يعيشوا بسلام.

وأشار سموأل إلى ضرورة لفت الانتباه تحديدا لخطر الصواريخ الباليستية، فسواء كانت في غزة أو اليمن أو إسرائيل أو الإمارات، هناك مدنيون يريدون أن يمضوا في حياتهم اليومية دون خشية أن يصيبهم صاروخ: “فالصواريخ البالستية هي سلاح استراتيجي للدفاع عن النفس، وليس لشن هجمات عشوائية”.

وقد أعرب سموأل عن تأييد بريطانيا لحق السعودية بالدفاع عن نفسها، “فبريطانيا لا تريد أن ترى حليفا يمضي في عملية حداثة هامة، بينما ينجرف في دائرة عنف ستؤذي الجميع”. وطالب كل من يزودون قدرات بالستية لإطلاقها ضد السعودية إلى التوقف عن ذلك، مشددا على ضرورة تركيز الجميع على تخفيف المعاناة الإنسانية في اليمن، وتأسيس حكومة وحدة وطنية في صنعاء. “فالشعبين السعودي واليمني أبناء عم ويستحقون الأفضل.”

وقد جدد سموأل تأكيد تأييد بريطانيا للتحالف بقيادة السعودية، بموجب قرار من الأمم المتحدة، لاستعادة الحكومة الشرعية في اليمن باستخدام قوة عسكرية متناسبة، مع ضمان الالتزام بالقانون الإنساني الدولي “ولم تتردد بريطانيا بتوجيه انتقادها للسعودية في حال عدم حدوث ذلك”. وأكد سموأل بأن الحكومتين السعودية والإماراتية تبذلان جهودا كبيرة لزيادة الدعم الإنساني لليمنيين، وبريطانيا تساهم في هذه الجهود، وتساءل “ما الذي قدمه الحوثيون للمساعدة في تخفيف معاناة اليمنيين؟”، مشيرا إلى أن هناك من يستغلون فقر الشعب اليمني والانقسام بينهم لإثارة المشاكل، وأن الحوثيين لم يوفروا الغذاء ولا الحماية لليمنيين.

وقال سموأل: “لا يجوز أن تستولي مجموعة مسلحة صغيرة من الأقليات على حكومة بلد بالقوة بدعم من قوى خارجية.” وأشار إلى أن “بريطانيا تدين استهداف المدنيين بالقوة العسكرية، أو التجويع الناتج عن الحصار”، وأن هناك اتصالات دورية صريحة تجريها بريطانيا مع حلفائها بشأن الالتزام بالقانون الإنساني الدولي. “لكن علينا أن نسأل أنفسنا عن مدى معاناة اليمنيين (90% منهم يعيشون تحت خط الفقر) على أيدي قوات الحوثيين، وتحكم الحوثيين بممرات لوجستية للحيلولة دون وصول المساعدات إلى المحتاجين إليها”.

وقد أكد سموأل على أن بريطانيا تلعب دورها لتخفيف معاناة اليمنيين، ليس فقط من خلال تقديم المساعدات الإنسانية، بل أيضا من خلال تدريب فرق التفتيش التي تبحث عن أية أسلحة قد تحملها السفن التجارية التي توصل المنتجات عبر الموانئ إلى اليمنيين، وذلك لتسريع إيصال المساعدات.

وقال بأن “اليمن بات مشكلة إنسانية وتنموية”، مشيرا إلى أن بريطانيا تعلمت من خلال دروس صعبة في أفغانستان والعراق بأن القوة العسكرية وحدها لا يمكنها تحقيق السلام. “بل ما نريده اليوم هو أن يشارك الحوثيون بالمفاوضات بحسن نية، وأن يدركوا بأن دورهم في أية حكومة وحدة وطنية في اليمن يجب أن يكون بناء على النسبة التي يشكلها عددهم في اليمن، وما يحصلون عليه من تأييد.”

واختتم سموأل خواطره بالقول بأن الكثير من الناس يتحدثون عن تدخل “قوى كبيرة” في اليمن، وقال بأن “ليس هناك ما هو كبير بشأن دول تؤجج حربا تتسبب بانتشار الأوبئة والفقر من خلال تزويد الحوثيين بالأسلحة وتوفير التدريب لهم.”