أجرت صحيفة الشرق الأوسط حوارا خاصا مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تطرقت فيه إلى العلاقات البريطانية الخليجية وسبل تعزيزها وذلك بمناسبة حضور رئيسة الوزراء القمة الخليجية ال 37 التي تنعقد في البحرين. فيما يلي نص المقابلة:
* السيدة رئيسة الوزراء، تحضرين قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية للمرة الأولى، وتأتي زيارتك هذه في مرحلة حساسة جدًا. كيف تنظرين إلى هذه الزيارة وإلى العلاقات البريطانية – الخليجية مستقبلا؟
– يشرفني جدًا أنني أول رئيس وزراء بريطاني يحضر قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وآمل أن تكون زيارتي هذه بداية لفصل جديد من العلاقات بين المملكة المتحدة والخليج. نحتفي في هذه السنة بمرور مائتي سنة من العلاقات بين المملكة المتحدة والبحرين، وروابط ممتدة لقرن من الزمن مع المملكة العربية السعودية، لكن العلاقات بيننا في السنوات الأخيرة لم تبدُ – ظاهريا – قوية بقدر امتدادها الطويل. وأنا أرغب في تغيير ذلك. هناك الكثير مما يمكننا عمله معا؛ سواء مساعدة بعضنا البعض لمنع وقوع اعتداءات إرهابية، أو الاستثمار في ازدهار بعضنا البعض، أو مساعدة دول الخليج في تحقيق رؤيتها بشأن الإصلاح على الأمد الطويل. وبالتالي فإنني أرغب في بناء شراكة استراتيجية حقيقية تتيح لنا معا انتهاز الفرص التي أمامنا وضمان تحقيق الأمن والازدهار لشعوبنا.
* بالنظر إلى العلاقات الممتدة منذ وقت طويل بين المملكة المتحدة ودول الخليج، هل تشعرين بوجود حاجة لبذل مزيد من الجهود لكبح نهج سياسات إيران الصارخة في المنطقة بشأن التدخل في سوريا ولبنان والعراق والبحرين واليمن؟
– إننا ملتزمون تماما بالعمل مع شركائنا في دول الخليج للمساعدة في حماية أمنها. ونحن ندرك المخاوف في أنحاء الخليج بشأن نهج إيران من حيث أفعالها التي تزعزع استقرار المنطقة، وندعم دول الخليج بثبات وضد أي تدخل إيراني في شؤونها الداخلية. ونأمل في النهاية أن يؤدي الاتفاق النووي مع إيران إلى إحداث تغيير كبير في علاقات إيران مع المجتمع الدولي، الأمر الذي يمهد السبيل لنا لأن نبحث معها بشكل مباشر أكثر المسائل، مثل دور إيران في المنطقة.
* أثناء وبعد الحملات بشأن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، شددت الحكومة البريطانية على أهمية الأسواق العالمية بالنسبة لرفاه المملكة المتحدة. أليس من الصواب افتراض أن دول الخليج ستكون شريكا يجدر التعامل معه وطمأنته بشأن التعاون مستقبلا؟
– دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر بالفعل شريكا حيويا بالنسبة للمملكة المتحدة، وأعتقد أن هناك الكثير مما يمكننا أن نحققه معا فيما يتعلق بأمننا وازدهارنا. كما أن الخليج بالفعل ثاني أكبر سوق لصادرات المملكة المتحدة خارج الاتحاد الأوروبي، وأكبر مستثمر في بلدنا، وأعتقد أن هناك إمكانية كبيرة للتوسع في هذه العلاقات في السنوات المقبلة. أرغب في أن أرى الشركات البريطانية تتبادل خبراتها مع منطقة الخليج، للمساعدة في تحقيق الرؤية الطموحة بشأن الإصلاح في المنطقة، وهناك فرص هائلة في مجالات الطاقة والتعليم والبنية التحتية والرعاية الصحية. وإنني أرحب بالاستثمارات الخليجية في المملكة المتحدة التي تساعد في تنشيط المدن في كافة أرجاء بلدنا. وبالتطلع إلى المستقبل، أرغب في بناء علاقات تجارية أقوى وتعزيز التجارة الحرة بين المملكة المتحدة ودول الخليج. وإنني آمل خلال زيارتي هذه أن أتوصل لاتفاق لبحث إمكانيات الترتيبات التجارية المستقبلية بيننا، بمجرد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي؛ حيث إن تذليل العقبات أمام التجارة يمكن أن يُحدث نقلة كبيرة في علاقات العمل، ويحفز النمو الاقتصادي، ويعزز الازدهار للأجيال القادمة.
* كيف تنظرين إلى دور حكومات دول مجلس التعاون الخليجي – وخصوصا المملكة العربية السعودية – في تشجيع الاعتدال والحوار ومكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط وفي أنحاء العالم؟
– لطالما أكدنا، في أنحاء المنطقة، على أهمية احترام حق الاحتجاج السلمي، وحرية التعبير عن الرأي واستخدام الإنترنت، وحرية التجمع، وسيادة القانون. ونعتقد أن من شأن الإصلاحات، بما فيها تلبية تطلعات المواطنين بأن يكون لهم دور أكبر، أن تكون بمثابة ضمان للاستقرار والنجاح الاقتصادي على المدى الطويل في المنطقة. وتربطنا بالفعل روابط قوية مع حلفائنا في الخليج بمجال مكافحة الإرهاب، وإنني أرغب في توطيد هذه الروابط. كما آمل أن نتمكن، خلال زيارتي هذه، من زيادة التعاون بيننا بشأن أمن الحدود وأمن الطيران، إلى جانب اتخاذ مزيد من التدابير لمكافحة تمويل الإرهاب وحماية البنية التحتية الوطنية الحيوية.
* هل تتوقعين أي انتكاسات في العلاقات بين العرب/ المسلمين وأوروبا، نتيجة صعود الانعزاليين واليمين المتطرف في أوروبا.. وهل صحيح وقوع أحداث فردية تتعلق بكراهية الأجانب في المملكة المتحدة، كما حدث في أماكن أخرى مؤخرًا؟
– إنني على ثقة بأن علاقاتنا المتينة مع حلفائنا في الخليج سوف تزداد قوة مع مرور الوقت. وأعتقد بضرورة بذل مزيد من الجهود، في أنحاء العالم، لضمان استفادة عدد أكبر من الناس من مزايا العولمة، ولمعالجة مخاوف الكثيرين بأنهم منسيّون. وهذا ما يستدعي كوني عازمة تمامًا على بناء بلد واقتصاد يعم بفوائده جميع المواطنين. بعد الاستفتاء مباشرة، شهدنا زيادة في جرائم الكراهية. وإنني أدين الاعتداءات المشينة والبغيضة ضد مجتمعات بعينها، وقد اتخذنا إجراءات صارمة لمعالجة هذه المسألة الهامة. فلا مكان أبدًا في المجتمع البريطاني لجرائم الكراهية بشتى أشكالها المرتكبة ضد أي من المجتمعات أو الأديان أو الأعراق.
* ما الذي تتوقعين أن يفعله الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترامب في تعامله مع مشاكل صعبة لها أثر على أوروبا والشرق الأوسط، من قبيل السياسات العدائية الجديدة لروسيا، والتهديد الذي تشكله إيران، والحالة المستعصية بين إسرائيل والفلسطينيين؟
– هناك مجموعة كبيرة من التحديات؛ تحتاج الدول من أنحاء العالم إلى التعاون مع بعضها البعض لمعالجتها، سواء كان ذلك لمكافحة الإرهاب، أو مواجهة الهجرة الجماعية، أو إيجاد حلول للصراعات الممتدة طويلا. وقد تحدثت مرتين مع الرئيس الأميركي المنتخب، وكلانا ملتزم التزامًا تامًا بمواصلة العلاقات المتينة فيما بيننا، وخصوصا في مجالات الدفاع والأمن، واستمرار العمل معًا في المسائل المشتركة ومعالجة التحديات المشتركة.
الصورة التي ترافق هذا التقرير لصحيفة الشرق الأوسط