22 November 2016 Jerusalem, Israel
الحفاظ على تقليد فلسطيني اصيل
يعتبر موسم قطف الزيتون من التجارب الممتعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ففي هذا الموسم تستيقظ العائلات باكراً في الصباح لتبدأ رحلتها لأراضيها في الجبال والحقول المختلفة لقطف الزيتون الأخضر أو الأسود، وتعمل هذه العائلات لساعاتٍ طويلةٍ تحت أشعة الشمس الحارقة؛ وعند الاستراحة يتناولون الطعام الفلسطيني التقليدي ويشربون الشاي الحلو المغلي على نار الحطب، ثم يكملون عملهم. وعند عودتهم للمنزل، يستمتعون بالراحة والبسكويت ومن ثم يأخذون ما تم قطفه من الزيتون ليتم عصره في المعاصر. لقد صمد هذا التقليد الفلسطيني منذ عقود مع كل ما يرمز معه إلى الهوية الوطنية الفلسطينية.
ولكن للأسف، تزداد صعوبة الحفاظ على هذا التقليد أكثر فأكثر، وخاصةً في تلك الواقعة في مناطق “ج” في الضفة الغربية. ويعتبر بناء جدار الفصل والتوسع الاستيطاني عاملاً أساسياً في ازدياد فصل التجمعات الفلسطينية عن أراضيهم أكثر فأكثر، ففي عام 2014 قدّر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن ما نسبته 30% من أشجار الزيتون تقع خلف الأسوار الأمنية الإسرائيلية في مناطق “ج”. وعلاوةً على ذلك فإن اعتداءات المستوطنين والقيود المفروضة على حرية الحركة والتنقل والنقص الحاد في موارد المياه زادت من معاناة الفلسطينيين بشكل كبير.
تشكّل أشجار الزيتون أهميةٍ كبيرةٍ للاقتصاد الفلسطيني، فنصف الأراضي الزراعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة مزروعة بأكثر من ثماني مليون شجرة زيتون والتي بدورها تولد أكثر من 30% من الدخل الزراعي للفلسطينيين. بالإضافة إلى ذلك تعتمد أكثر من 100 ألف عائلة فلسطينية على قطف الزيتون السنوي كدخلٍ أساسي للمعيشة، وبالتالي فإن عدم مقدرة بعض الفلسطينيين من قطف أشجار الزيتون الخاص بهم يشكل خسارةً للاقتصاد الفلسطيني تقدر ما بين 30 و 45 مليون دولاراً أمريكياً سنوياً.
لهذا السبب قررت القنصلية البريطانية العامة في القدس وللسنة الثالثة على التوالي دعم التجمعات الفلسطينية المتأثرة من المستوطنات الاسرائيلية واعتداءات المستوطنين خلال موسم قطف الزيتون. وقامت هذه المبادرة ومن خلال شراكةٍ بين هيئة الجدار والاستيطان الفلسطينية والقنصلية العامة بتزويد هذه التجمعات بمعدات قطفٍ للزيتون بمبلغ 20000 جنيه استرليني تشمل سلالم وشراشف لجمع الزيتون وأمشاط لقطف الزيتون بالإضافة إلى مناشير ومقصات للشجر لدعم أكثر من 300 عائلة فلسطينية في 36 تجمع في الضفة الغربية.
وكجزءٍ من هذه الحملة، انضم موظفو القنصلية البريطانية العامة وممثلو هيئة الجدار والاستيطان الفلسطينية وبعض المتطوعين لمساعدة المزارعين في قطف الزيتون ولتوفير حضورٍ داعم لهم في تجمعات فلسطينية تقع في جميع أنحاء الضفة الغربية وبما فيها القدس الشرقية، من تل الرميدة في الخليل إلى اليانون في نابلس إلى عانين في جنين. هذا وإنني وبشكلٍ شخصي، أفتخر بانضمامي لمساعدة .هؤلاء الفلسطينيين خلال هذه الأوقات العصيبة
وخلال زيارتي للعديد من التجمعات الفلسطينية المختلفة في الشهر الماضي، أصبت بالصدمة من تأثير اعتداءات المستوطنين على قرية اليانون مثلاً وكنت مستاءاً عند رؤية حجم الأراضي التي خسرها الفلسطينيون بقرية عانين بسبب بناء جدار الفصل العنصري على اراضيها، وفي تل الرميدة أيضاً أخبرنا السكان عن حجم الصعوبات والمعاناة التي يواجهونها في منطقة H2 في الخليل.
إن التحديات التي يواجهها الفلسطينيون نتيجة الاحتلال الاسرائيلي حقيقية ومؤثرة، وبالرغم من ذلك وبعد التحدث إلى الفلسطينيين في تلك التجمعات، شعرت بالإلهام من مدى صمودهم ومقاومتهم للعديد من الأعباء والتحديات اليومية هنا. وآمل أن تكون هذه المبادرة مفيدةً للمزارعين الفلسطينيين، وبالرغم من هذا فإنني مدركٌ تماماً أن العديد من الأشياء بحاجةٍ للتحسين لصالح الفلسطينيين، ولن يتم هذا إلى من خلال تأسيس دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلة على حدود عام 1967. وفي نفس الوقت، ستستمر المملكة المتحدة البريطانية بإدانة إنشاء المستوطنات واعتداءات المستوطنين، والأهم من هذا سنستمر في دعم الفلسطينيين في مساعيهم لإقامة دولةٍ فلسطينية – دولة يستطيع كل الفلسطينيين فيها التمتع بثمار عملهم، والاحتفال بعاداتهم وتقاليدهم وخلق مستقبلاً أفضل لهم ولأطفالهم.
في هذا الالبوم في صفحتنا على الفيسبوك، ستجدون المزيد من الصور من حملة قطاف الزيتون للقنصلية البريطانية العامة في القدس